النهي عن مخالطة كل مشرك

قال تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة: 221.
﴿ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ أي: في أقوالهم أو أفعالهم وأحوالهم؛ فمُخالِطهم على خطر منهم، والخطر ليس من الأخطار الدنيوية، إنما هو من الشقاء الأبدي. ويستفاد من تعليل الآية: النهي عن مخالطة كل مشرك ومبتدع؛ لأنه إذا لم يجز التزوج مع أن فيه مصالح كثيرة فالخُلطة المجردة من باب أولى، وخصوصًا الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك ونحوه على المسلم.

تفسير السعدي: ٩٩.

الشرح والإيضاح

(وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ). أي: حرَّم الله تعالى على المؤمنين أن يتزوَّجوا بالنِّساء المشركات إلَّا إذا آمنَّ ووحَّدْنَ الله تعالى بدخولهنَّ في الإسلام، ولَأَنْ يتزوَّج المؤمن بأمَة مملوكة لكنَّها مؤمنة، خيرٌ له من أن يتزوَّج امرأة حرَّة مشركة، وإن بلَغ الإعجاب بها مبلغًا؛ لشدَّة حُسنِها، أو عِظَم حسَبِها، أو شَرَفِ نَسبِها، أو كثرةِ مالها. (وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ). أي: حرَّم الله تعالى على المؤمنين أن يُزوِّجوا نساءَهم المؤمنات لرجالٍ مشركين، إلَّا إذا آمنوا ووحَّدوا الله تعالى بدخولهم في الإسلام، ولَأَنْ تزوجوهنَّ بعبدٍ مملوك لكنه مؤمنٌ بالله تعالى، خيرٌ من أن تزوجوهنَّ برجلٍ حرٍّ مشرك، ولو بلغ إعجابكم به ما بلغ لحُسنه، أو حسبه، أو نسبه، أو ماله. (أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ). أي: إنَّما حرَّمتُ عليكم- أيُّها المؤمنون- تزوُّجَ المشركات وتزويجَ المشركين بالمؤمنات؛ لأنَّهم في حقيقة الأمر يقودونكم عبر معاشرتهم ومخالطتهم بسماع أقوالهم، ورؤية أفعالهم، ومعايشة أحوالهم إلى حبِّ الدُّنيا، وإيثارها على الآخرة، وإلى العمل بما يُدخِلكم النار؛ فلا تغترُّوا بهم، فيردوكم في التهلُكة، والشقاء الأبدي. (وَاللهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ). أي: إنَّ الله تعالى يدعوكم بما يُعلِّمكم مِن شَرْعه من أوامرَ ونواهٍ للعمل بها؛ لتقودَكم لدخول الجنة، وتوجبَ لكم النَّجاةَ من النار بما يمحو من خَطاياكم، التي من آثارها دفْعُ العقوبات، وذلك بالحثِّ على التوبة والاستغفار، ولزومِ العمل الصَّالح الذي يُكفِّر الآثام، فيتجاوز عنها ربُّكم، ويسترها عليكم. (وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). أي: يوضِّح براهينه وحُججَه ويُظهِر أحكامه وحِكَمها؛ فيُوجِب لهم ذلك التذكُّر لِمَا نَسُوه من الحقِّ فيعتبروا ويتَّعظوا، ويميِّزوا بين الدعاء إلى النيران، والدعاء إلى الجنَّة ونَيْل الغفران. المصدر: https://dorar.net/tafseer/2/38

تحميل التصميم