قال تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) البقرة: 269.
قال بعض الحكماء: من أُعطي العلم والقرآن ينبغي أن يعرف نفسه، ولا يتواضع لأصحاب الدنيا لأجل دنياهم؛ فإنما أُعطي أفضل مما أُُعْطِيَ أصحاب الدنيا؛ لأن الله تعالى سمى الدنيا متاعًا قليلاً، فقال: ﴿قُلْ مَتَاع الدُّنيَا قَلِيل﴾ النساء: ٧٧، وسمى العلم والقرآن: ﴿خيرًا كثيرًا﴾
تفسير القرطبي: ٤/٣٥٧.
الشرح والإيضاح
(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ).
أي: يُعطي الوهَّابُ عزَّ وجلَّ مَن يشاء من عباده معرفةَ الحقِّ، ومعرفة المقصود منه، والعمل به، وبذلك يتمكَّن من الإصابة في القول والعمل، وتنزيل الأمور منازِلَها في نفْسه وفي غيره، ووضْعها في مواضِعها اللائقة بها؛ فإنَّ الإصابةَ في الأمور إنَّما تكون بفَهْم القرآن والفقه في حقائق الإيمان وشرائع الإسلام، مع الخشية لله تعالى، والنُّبوة من الحكمة؛ لأنَّ الأنبياء مُسدَّدون، مُفهَّمون، ومُوفَّقون لإصابة الصَّواب.
(وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا).
أي: إنَّ من يُعطَى تلك الحِكمة من العباد، فيخرج من ظُلْمة الجهل إلى نورِ الهُدى، ومن حُمْق السَّفه والانحراف في الأقوال والأفعال، إلى إصابة الصَّواب فيهما، وحصول التَّوفيق والسَّداد، فقد مُنح خيرًا عظيمًا لا يُقدَّر؛ فإنَّ الحكمة أفضلُ الأُعطيات، وهي أجلُّ المنح والهِبات.
(وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).
أي: لا يتَّعظ بما وعظ به الله تعالى في آياتِه المُنفِقين أموالَهم وغيرَهم، فيَذكُر وعدَه ووعيدَه، فيَنزجِر عمَّا زجره عنه ربُّه، ويُطيعه فيما أمره به سبحانه، إلَّا أصحابُ العقول الكاملة، الذين يَعقِلون بها عن الله عزَّ وجلَّ أمرَه ونهيه.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/2/46
(قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ)
أي: قُلْ لهم- يا محمَّدُ- ردًّا عليهم: ما في الدُّنيا من نِعَمٍ قليلة كيفًا وكمًّا ووقتًا، فهي محدودةٌ وفانية.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/4/22