[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قال الله تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].[/box]
الشرح والإيضاح
( وأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)).
سبب النُّزول:
عن حُذَيْفَة رضي الله عنه: ((وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ؛ قال: نَزلَتْ في النَّفَقةِ)) (30) .
وعن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رضي الله عنه، قال: ((كنَّا بمدينةِ الرُّومِ، فأَخْرَجوا إلينا صَفًّا عظيمًا من الرُّومِ، فخرج إليهم من المسلمينَ مِثْلُهم أو أكثرُ، وعلى أهلِ مصرَ عُقْبَةُ بنُ عامِرٍ، وعلى الجماعةِ فَضَالةُ بنُ عُبَيدٍ، فحمل رجلٌ من المسلمينَ على صَفِّ الرُّومِ، حتى دخل عليهم، فصاح النَّاسُ وقالوا: سبحانَ اللهِ! يُلْقِي بيَدَيْهِ إلى التهلُكةِ، فقام أبو أيوبَ الأنصاريُّ فقال: يا أَيُّها النَّاسُ، إنَّكم لَتُؤَوِّلُونَ هذه الآيةَ هذا التأويلَ، وإنما نَزَلَت هذه الآيةُ فينا مَعْشَرَ الأنصارِ، لَمَّا أَعَزَّ اللهُ الإسلامَ وكَثُرَ ناصِرُوه، فقال بعضُنا لبعضٍ سِرًّا دون رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ أموالَنا قد ضاعَت، وإنَّ اللهَ قد أَعَزَّ الإسلامَ وكَثُرَ ناصِرُوه، فلو أَقَمْنا في أموالِنا فأَصْلَحْنا ما ضاع منها، فأنزل اللهُ تبارك وتعالى على نَبِيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَرُدُّ علينا ما قُلْنا؛ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: 195]، فكانت التَّهْلُكَةُ الإقامةَ على الأموالِ وإصلاحِها، وتَرْكَنا الغَزْوَ، فما زال أبو أيوبَ شاخصًا في سبيلِ اللهِ حتى دُفِنَ بأرضِ الرُّومِ)) (31) .
ولا تعارضَ بين الرِّوايتينِ، بل إنَّ رِواية أبي أيُّوبَ رضي الله عنه هي مُبيِّنة ومفسِّرة للإجمالِ الوارد في رِواية حُذيفةَ بن اليمان رضي الله عنه السَّابقة (32) .
وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.
أي: أَنفِقوا قُربةً لله عزَّ وجلَّ في وجوه الطاعات- ومن ذلك: الإنفاق في جهاد أعداء الدِّين؛ لإعلاءِ كلمة الله تعالى- واجتَنِبوا إلْقاءَ أنفُسِكم فيما فيه هلاكُها وعذابُها، وذلك بتَرْك ما أمَر الله تعالى به، أو فِعْل ما نهى عنه، ومن ذلك: تَرْك الإنفاق في الجهاد؛ فليستِ التَّهلكةُ أن يُقتَل الرَّجُلُ في سبيل الله تعالى، ولكنَّ التَّهلكةَ في ترْك الإنفاق في سبيله سبحانه (33) .
وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.
أي: أمَر اللهُ تعالى عبادَه بأن يُحسنوا في كل شيء؛ في معاملتِهم للخالق عزَّ وجلَّ بعبادته كأنَّهم يرَوْنه، وفي معاملتِهم للمخلوقين؛ بذلًا للمعروف، وكفًّا للأذى؛ وذلك لأنَّ الله تعالى يحبُّ المحسنين (34) .
عن شدَّاد بن أوسٍ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: ((إنَّ اللهَ كتَب الإحسانَ على كلِّ شيٍء، فإذا قتلتم فأحسِنُوا القِتْلَةَ، وإذا ذبحتم فأحسِنُوا الذَّبحَ، ولْيُحِدَّ أحدُكم شفرتَه، فليُرِحْ ذبيحتَه))
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/2/33