الإخلاص من أسرار إجابة الدعاء

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قال تعالى: ﴿وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: 29].
قال السعدي: ” أي: قاصدين بذلك وجهه وحده لا شريك له. والدعاء يشمل دعاء المسألة، ودعاء العبادة، أي: لا تراءوا ولا تقصدوا من الأغراض في دعائكم سوى عبودية اللّه ورضاه” (تفسير السعدي ص286).[/box]

الشرح والإيضاح

(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29))
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ
أي: قُل- يا مُحمَّدُ- لهؤلاءِ الذين يَزعمونَ أنَّ اللهَ أمَرَهم بالفَحشاءِ: ما أمَرَ رَبِّي بما تَزعُمونَ، بل أمَرَ بالعَدلِ في العِباداتِ بتَوحيدِه، وفي المُعاملاتِ بأداءِ حُقوقِ عِبادِه .
وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
أي: تَوَجَّهوا في صلاتِكم إلى اللهِ وَحدَه، في أيِّ مَسجدٍ كُنتم، واجتَهِدوا في إقامَةِ الصَّلاةِ ظاهِرًا وباطِنًا وَفقَ ما شَرَعه اللهُ تعالى.
كما قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا [الروم: 30].
وقال سبحانه: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 79].
وعن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا قام إلى الصَّلاةِ، قال: ((وجَّهْتُ وَجهِيَ لِلَّذي فطَرَ السَّمواتِ والأرضَ حنيفًا، وما أنا مِنَ المُشركينَ، إنَّ صَلاتي ونُسُكي، ومَحْياي ومماتي، لله رَبِّ العالَمينَ، لا شريكَ له، وبذلك أُمِرْتُ، وأنا مِنَ المُسلمينَ)) .
وعن البَراء بنِ عازبٍ رَضِيَ الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوصى رجلًا، فقال: ((إذا أرَدْتَ مَضجَعَك فقل: اللهُمَّ أسلَمْتُ نَفْسي إليك، وفوَّضْتُ أمري إليك، ووجَّهْتُ وَجْهي إليك، وألجَأْتُ ظَهري إليك؛ رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجَأَ ولا منجا منك إلَّا إليك، آمنْتُ بكتابِك الذي أنزَلْتَ، وبنبِيِّكَ الذي أرسَلْتَ؛ فإنْ مُتَّ مُتَّ على الفِطرةِ)) .
وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
أي: وادْعُوا اللهَ، واعبُدُوه وَحدَه لا شريكَ له .
كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
أي: كما خَلَقَكم اللهُ أوَّلَ مَرَّةٍ، فجَعَلكم أحياءً بعد أنْ كُنتم عَدَمًا؛ فكذلك تَعودونَ إليه يومَ القِيامةِ، فيبعَثُكم مِن قُبُوركم أحياءً بعد مَوتِكم .
كما قال تعالى: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء: 104].
وقال سبحانه: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [الأنعام: 94].
وقال عزَّ وجلَّ: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم: 27].
وقال تبارك وتعالى: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس: 78-79].
وعنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إنَّكم مَحشُورونَ حُفاةً عُراةً غُرْلًا، ثمَّ قرأ: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء: 104])) (32) .
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/7/5