الإخلاص روح العمل وسر قبوله

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قال تعالى: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ) [الحج: 37].
“ليس المقصود منها ذبحها فقط. ولا ينال الله من لحومها ولا دمائها شيء، لكونه الغني الحميد، وإنما يناله الإخلاص فيها، والاحتساب، والنية الصالحة، ففي هذا حث وترغيب على الإخلاص في النحر، وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخرًا ولا رياء، ولا سمعة، ولا مجرد عادة”” (تفسير السعدي بتصرف ص538). [/box]

الشرح والإيضاح

(لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)).
لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا.
أي: لن يَصِلَ إلى اللهِ شَيءٌ مِن لحومِ بُدْنِكم، ولا دِمائِها المُهراقةِ، ولم يَشرَعْ ذَبحَها لذلك؛ فهو غنيٌّ عنكم وعنها .
وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ.
أي: ولكِنَّ الذي يَصِلُ إلى اللهِ ويَبلُغُه: تَقواكم وإخلاصُكم العمَلَ له وَحْدَه، فيتقَبَّلُه منكم، ويُثيبُكم عليه إنِ اتَّقَيتُموه فيما تَذبَحونَه مِنَ البُدْنِ، وأرَدْتُم بذلك وَجْهَه وَحْدَه، لا فَخرًا ولا رياءً، ولا سُمعةً ولا مُجَرَّدَ عادةٍ؛ وعَظَّمتُم بها حُرُماتِه، وعَمِلتُم فيها بما أمَرَكم به؛ فليس المقصودُ مُجَرَّدَ ذَبحِها فحَسْبُ .
كما قال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ فاطر: 10.
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ لا يَنظُرُ إلى صُوَرِكم وأموالِكم، ولكِنْ يَنظُرُ إلى قُلوبِكم وأعمالِكم)) .
كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ .
أي: هكذا سخَّرَ اللهُ لكم البُدْنَ؛ كي تَعرِفوا عظَمَتَه باقتدارِه على ما لا يَقدِرُ عليه سِواه، فتُوَحِّدُوه بالكِبرياءِ؛ شُكرًا له في مقابِلِ تَوفيقِه إيَّاكم لِدينِكم، وللنُّسُكِ في حَجِّكم .
وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ.
أي: وبَشِّرْ -يا مُحمَّدُ- المُحسِنينَ في عبادةِ اللهِ، وفي مُعامَلتِهم لعبادِ اللهِ، بالسَّعادةِ في الدُّنيا والآخرةِ .
كما قال تعالى: وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ البقرة: 58.
وقال سُبحانَه: إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ الأعراف: 56.
وقال تبارك وتعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ يونس: 26.
وقال عزَّ مِن قائِلٍ: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ النحل: 97.
وقال عزَّ وجَلَّ: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ الرحمن: 60.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/22/13