قواعد نبوية في البذل والإنفاق

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””] ‏قال رسول الله ﷺ: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى» (صحيح مسلم ١٠٣٦). قال الإمام النووي: “”معناه إن بذلت الفاضل عن حاجتك وحاجة عيالك فهو خير لك لبقاء ثوابه، وإن أمسكته فهو شر لك؛ لأنه إن أمسك عن الواجب استحق العقاب. وإن أمسك عن المندوب فقد نقص ثوابه، وفوّت مصلحة نفسه في آخرته””. “[/box]

الشرح و الإيضاح

هذا الحديثُ فيه توجيهٌ نبويٌّ لِبَنِي آدَمَ بعدمِ إمساكِ الأموالِ واكتِنازِها، وتوجيهُ الأَنفُسِ إلى البذلِ والعطاءِ، وفيه البَدْءُ بالأهلِ والأقارِبِ في الصِّلَةِ والنَّفَقةِ، وفيه تشجيعٌ على النَّفَقَةِ والعَطاءِ والبذلِ، وإيماءٌ إلى عَدمِ سُؤالِ الناسِ؛ فاليَدُ المُعطِيَةِ خيرٌ مِنَ الآخِذَةِ.
وقولُه: “يا ابنَ آدَمَ” نِداءٌ مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لبني آدَمَ كلِّهم، وإنْ كان توجيهُه يَنْصَبُّ على المسلمين مِن أُمَّتِه، “إنْ تَبذُلِ الفَضْلَ”، أي: إنْ تُخرِجِ الفضلَ الزائِدَ عن حاجَتِكَ مِن مالِكَ، فذلك “خيرٌ لك”، أي: بذلُ الزِّيادةِ على قَدرِ الحاجَةِ خيرٌ لك في الدُّنيا والآخِرَةِ؛ لِبَقاءِ ثوابِه، “وإن تُمْسِكْه”، أي: إمساكُ ذلك الفضلِ ومَنْعُه “شَرٌّ لك”، أي: عندَ الله وعندَ الناسِ؛ لأنَّه إن أَمْسَكَ عن الواجِبِ استَحَقَّ العِقابَ عليه، وإن أمسَكَ عن المندوبِ فقد نَقَص ثوابَه، وفوَّت مصلحةَ نفسِه في آخِرَتِه، وهذا كلُّه شَرٌّ.
“ولا تُلامُ على كَفَافٍ”، أي: لا تُلامُ على إمساكِ ما يَكفِيكَ أنتَ ومَن تَعُولُ، والكَفافُ مِن الرِّزق: هو القُوتُ، وما كَفَّ عن الناسِ وأغنَى عنهم مع القَناعَةِ، ولا يَزِيدُ على قَدْرِ الحاجَةِ.
ثُمَّ وجَّهه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى كيفيَّةِ إنفاقِ الزائدِ على حاجتِه، فقال: “وابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ”، أي: ابْدَأْ بالَّذين تَمُونُهم وتلزَمُك نَفقَتُهم والقِيامُ بما يَحتاجون إليه مِن قُوتٍ وكُسْوَةٍ، ووسِّع عليهم أوَّلًا زيادةً على نَفَقَتِهم الواجِبَة، والمقصودُ: أنَّ الأهلَ والقَرابَةَ أحقُّ مِن غيرِهم، وفي هذا رِعايةٌ نبويَّةٌ لِمَا جُبِلَتْ عليه النَّفْسُ مِن حُبِّ المالِ والوَلَدِ، فتكونُ البِدايَةُ بالنَّفَقَةِ على الأهلِ والأولادِ، ثُمَّ يَنتَقِلُ منها إلى النَّفَقَةِ على كلِّ مُحتاجٍ.
“واليَدُ العُلْيا”، أي: المُنفِقَة “خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى”، أَي: السَّائِلَة أو الآخِذَة.
وفي الحديثِ: إنفاقُ فضلِ الأموالِ والزائدِ على الحاجةِ في وُجوهِ الخيرِ والبِرِّ.
وفيه: الابتِداءُ في النَّفقَةِ والعَطاءِ والصدقةِ بالأهَمِّ فالمُهِمِّ

مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/21749