سبحان من ينزل الأمطار قطرات متفرقة!

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قال الله تعالى: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ}[النور: 43]
“فيرشُّ السحاب على الأرض رشًّا ويرسلُه قطرات منفصلة لا تَختلط قطرةٌ منها بأخرى لا يتقدَّم متأخرُها ولا يتأخَّر متقدِّمها ولا تدرِك القطرة صاحبتَها فتمتزج بها” (الإمام ابن القيم).[/box]

الشرح والإيضاح

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ).
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا .
أي: ألم تَرَ أنَّ اللهَ يَسوقُ بقُدرتِه قِطَعَ السَّحابِ المتفَرِّقةَ، إلى حيثُ يريدُ ؟
ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ.
أي: ثمَّ يجمَعُ اللهُ بينَ قِطَعِ السَّحابِ المتفرِّقةِ .
ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا.
أي: ثمَّ يجعَلُ اللهُ قِطَعَ السَّحابِ المجموعةَ مُتراكِمةً؛ بَعضُها على بعضٍ، فتكونُ قويَّةً متَّصِلةً وكثيفةً .
فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ.
أي: فتنظُرُ إلى المطَرِ يَخرُجُ مِن فُتُوقِ السَّحابِ نُقَطًا متفَرِّقةً .
كما قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الروم: 48].
وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ.
أي: ويُنَزِّلُ اللهُ البَرَدَ مِن جِهةِ السَّماءِ إلى الأرضِ، مِن قِطَعِ سَحابٍ عظيمةٍ كالجِبالِ .
فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ.
أي: فيُصيبُ اللهُ بالبَرَدِ مَن يَشاءُ مِن عبادِه؛ عقوبةً لهم، فيَضُرُّهم في أنفُسِهم وأموالِهم، ويُتلِفُ ثمارَهم وزُروعَهم، ويَصرِفُ البَرَدَ عَمَّن يشاءُ مِن عبادِه؛ رَحمةً بهم، فلا يُصيبُهم ضَرَرُه (25) .
يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ.
أي: يُقارِبُ ضَوءُ بَرقِ السَّحابِ أن يُعمِيَ عُيونَ النَّاظِرينَ إليه؛ مِن شِدَّةِ ضَوئِه ولَمعانِه (26) .
كما قال تعالى: يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ [البقرة: 20].
يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ.
يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.
أي: يُعقِّبُ اللهُ اللَّيلَ والنَّهارَ؛ فيأتي بأحَدِهما بعْدَ الآخَرِ، ويتصَرَّفُ فيهما بالزِّيادةِ والنُّقصانِ، ويغَيِّرُ حالَهما بالحَرِّ والبَردِ، والظُّلمةِ والنُّورِ إلى غيرِ ذلك، ويُديلُ الأيامَ بينَ عبادِه، ويَرفعُ أقوامًا ويضعُ آخرينَ إلى غيرِ ذلك.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/24/13