[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عن سعد قال: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “” عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ “”. قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟ قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَغْلَظُ وَأَفَظُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا؛ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ “” (صحيح مسلم 2396).[/box]
الشرح و الإيضاح
كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَحلمَ النَّاسِ وأرفَقَهم بِأُمَّتِه، وفي هذا الحديثِ أنَّه كان عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِساءٌ مِنْ قُريشٍ هنَّ مِن أزواجِه يُكلِّمنَه ويَستكثرْنَه، أي: يَطلُبْنَ زيادةً في النَّفقةِ، وكنَّ يُكلِّمنَه بأصواتٍ عاليةٍ، فاستأذنَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه في الدُّخولِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقامَ النِّسوةُ يَبتدرْنَ الحجَابَ، أي: يتَسارعْنَ إلى الاستتارِ عَن عُمرَ رضِي اللهُ عنه، فلمَّا رأى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِعلَهنَّ ضحِكَ، فقال له عُمرُ رضِي اللهُ عنه: أضحَكَ اللهُ سِنَّكَ يا رسولَ اللهِ، وهو دعاءٌ بِملازمةِ الضَّحكِ والسُّرورِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «عَجبْتُ مِن هؤلاءِ اللَّاتي كُنَّ عندي، فلمَّا سمعْنَ صوتَكَ ابتدَرْنَ الحِجابَ»، يعني: كُنَّ يرفعْنَ أصواتَهنَّ في الحديثِ معي، فلمَّا أتيتَ أنتَ سارَعوا إلى الاستتارِ؛ خشيةً منكَ، فقال عُمرُ رضِي اللهُ عنه: فأنتَ يا رسولَ اللهِ، كُنتَ أحقَّ أنْ يَهبْنَ، يعني: أوْلَى بأنْ يَخفْنَ مِنك، ثُمَّ قال: أَيْ عَدُوَّاتِ أنفُسِهنَّ، أتهبْنَني ولا تَهبْنَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟! قُلنَ: نعم، أنتَ أفظُّ وأغلَظُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حليمًا رؤوفًا بهنَّ وبعامَّةِ الأمَّة، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: والَّذي نفْسِي بيدِه ما لَقيَك الشَّيطانُ قطُّ سالكًا فجًّا إلَّا سلَكَ فجًّا غيرَ فجِّكَ»، يعني: أنَّ الشَّيطانَ كان يَهرُبُ مِنَ الطَّريقِ الَّذي يسلُكُه عُمرُ بنُ الخطابِ رضِي اللهُ عنه؛ خوفًا منه، أو يكونُ المعنى: أنَّ عُمرَ رضِي اللهُ عنه فَارقَ سَبيلَ الشَّيطانِ وسَلكَ طريقَ السَّدادِ، فخالَفَ كلَّ ما يُحبُّه الشَّيطانُ.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/14080