من فضائل شهر المحرم

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ ﷺ فقالَ: أيُّ الصِّيامِ أفضلُ بعدَ شَهْرِ رمضانَ؟ قالَ: “شَهْرُ اللَّهِ الَّذي تدعونَهُ المُحرَّمَ” (صحيح ابن ماجه: ١٤٢٧). قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: “وقد سمى النبي ﷺ المحرم شهر الله، وإضافته إلى الله عز وجل تدل على شرفه وفضله، فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته، كما نسب محمدًا وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته، ونسب إليه بيته وناقته. ولما كان هذا الشهر مختصًا بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصيام من بين الأعمال مضافًا إلى الله تعالى، فإنه له سبحانه من بين الأعمال؛ ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله، بالعمل المضاف إليه المختص به وهو الصيام. (لطائف المعارف ص٩٠-٩١).[/box]

الشرح والإيضاح

الصَّلاةُ والصِّيامُ مِن أَركانِ الإسلامِ، وقدْ حدَّد اللهُ فَرائضَ الصَّلاةِ بخَمسِ صَلواتٍ في الْيومِ واللَّيلةِ، وحدَّد صِيامَ الفَرْضِ بِصيامِ شهرِ رَمضانَ، ولَكنْ مَن أَرادَ التَّطوُّعَ بنافِلةٍ مِن جِنسِ هاتينِ العِبادتَينِ فَلَه ذلكَ، وفي هذا الحديث أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سُئل عنِ الأَوقاتِ والحالاتِ الأَفضلِ للتَنفُّلِ والتَّطوُّعِ في الصَّلاةِ والصِّيام، فقيل له: “أيُّ الصَّلاةِ أَفضلُ بعدَ المَكتوبةِ؟ أي: ما أَفضلُ الصَّلواتِ بعدَ أَداءِ الصَّلواتِ الخَمسِ المَفروضةِ الَّتي لا بدَّ مِن أَدائِها قبلَ التَّفكيرِ في النَّوافلِ والزِّياداتِ والتَّطوعِ لِمَن أَرادَ، فَقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُوضِّحًا ومُبيِّنًا: “أَفضلُ الصَّلاةِ بَعدَ الصَّلاةِ المَكتوبةِ، الصَّلاةُ في جَوفِ اللَّيلِ؛ وذلك أنَّ صَلاةَ اللَّيلِ أَبعدُ عنِ الرِّياءِ، وأَقربُ إلى الإِخلاصِ، وأَشدُّ وَطأةً، وأَقومُ قيلًا، والمُرادُ مِن جَوفِه هوَ الثُّلثُ الآخِرُ.
وسئل: وأيُّ الصِّيامِ أَفضلُ بعدَ شَهرِ رَمضانَ؟ أي: الصَّومُ أفضلُ بعدَ الصَّومِ المَفروضِ في رَمضانَ؟ فأجاب صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ أَفضلَ الصِّيامِ بَعدَ شَهرِ رَمضانَ، هو صِيامُ شَهرِ اللهِ المُحرَّمِ؛ فشهرُ المُحرَّمِ منَ الأَشهُرِ الحُرُمِ، ولعلَّ في هذا الحَديثِ إشارةً إلى أنَّه لَمَّا كانَ القِتالُ مُحرَّمًا في المُحرَّمِ، وكانَ انتِهازُ وَقتِه للصَّومِ فُرصةً مِن أَجلِ أنَّ أَوقاتِ إباحةِ القِتالِ لا يَقتضي أنْ يَكونَ المُؤمنُ فيها صائمًا؛ لأنَّ الصَّومَ يُضعِفُ أَهلَه.
وَفي الحَديثِ: بيانُ فَضيلةِ الصَّلاةِ في جَوفِ اللَّيلِ.
وَفيه: بَيانُ فَضيلةِ شَهرِ المُحرَّمِ وفَضيلةِ الصَّومِ فيهِ.
وَفيه: بيانُ أنَّ التَّطوُّعَ والنَّوافلَ تَكونُ بعدَ أَداءِ الفَرائضِ.

مصدر الشرح:

https://dorar.net/hadith/sharh/21294