كيفية التطهر عند فقد الماء

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدْ مَاءً، فَقَالَ: لَا تُصَلِّ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ، فَأَجْنَبْنَا، فَلَمْ نَجِدْ مَاءً، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ وَصَلَّيْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ الْأَرْضَ، ثُمَّ تَنْفُخَ ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: اتَّقِ اللهَ يَا عَمَّارُ، قَالَ: إِنْ شِئْتَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ. (صحيح مسلم 368)[/box]

الشرح والإيضاح

شُرِعَ التَّيَمُّمُ لِمَنْ لم يجِدِ الماءَ أو تَعذَّرَ عليه استعمالُه لمرَضٍ ونحوِه، وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ أَبْزى رضِيَ اللهُ عنه: “كنتُ عِند عمرَ، فجاءه رجُلٌ، فقال: إنَّا نكون بالمكانِ الشَّهْرَ والشَّهْرَيْنِ”، أي: لا يكون معنا ماءٌ، والمقصودُ: أنَّهم يمكُثون الشَّهْرَ والشَّهْرَيْنِ في مكانٍ ويُجْنِبونَ ولا يَجدونَ الماءَ الكافيَ للغُسْلِ، فماذا يَصنعون في التَّطَهُّرِ والغُسْلِ والصَّلاةِ؟ “فقال” عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه: “أمَّا أنا فَلَمْ أكُنْ أصلِّي حتَّى أجِدَ الماءَ”، أي: سأمتِنعُ عَنِ الصَّلاةِ حتَّى أجِدَ الماءَ لأتطهَّرَ وأتوضَّأَ به، “قال” عبدُ الرَّحمنِ: “فقال عمَّارٌ: يا أميرَ المؤمنينَ، أَمَا تذْكُرُ إذ كنتُ أنا وأنتَ في الإبلِ”، أي: كانا قد خرَجا في رعايةِ الإبلِ في عَهْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، “فأصابَتْنا جَنابةٌ”، والجنابةُ: تُطلَقُ على كُلِّ مَنْ أنزل المَنِيَّ أو جامَعَ؛ لاجتِنابِهِ الصَّلاةَ والعِباداتِ حتَّى يَطْهُرَ منها، “فأمَّا أنا فتَمَعَّكْتُ”، أي: تمرَّغْتُ وتقلَّبْتُ في التُّرابِ؛ حتَّى يُصيبَ جميعَ بَدني، وكان ذلك منه على سَبيلِ التَّطهُّرِ ورَفْعِ الجَنابةِ، “فأتيْنا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذكرتُ ذلك له”، أي: تطهُّري بالتُّرابِ، “فقال” النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إنَّما كان يَكفيكَ أنْ تقولَ هكذا”، أي: يُعلِّمُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التَّيمُّمَ، “وضرَب بيدَيْهِ إلى الأرضِ، ثمَّ نفَخهما، ثمَّ مسَح بهما وجهَهُ ويدَيْهِ إلى نِصْفِ الذِّراعِ”، أي: جعَل ضرْبَهُ للتُّرابِ مرَّةً واحدةً.
فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه: “يا عمَّارُ، اتَّقِ اللهَ”، أي: كأنَّه يُراجِعُهُ فيما يقول، وذلك أنَّ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه لا يذْكُرُ تلك الواقعةَ، فقال عمَّارُ: “يا أميرَ المؤمنينَ، إنْ شِئْتَ”، أي: إنْ أردْتَ ورأيْتَ أنْ أمتنِعَ عن ذِكْرِ هذا الحديثِ، “واللهِ لم أذكُرْه أبدًا”، “فقال عُمَرُ: كلَّا والله! لَنُوَلِّيَنَّكَ مِنْ ذلك ما تَوَلَّيْتِ”، أي: نَكِلُ إليك مسؤوليَّةَ ما قد قُلْتَ.
والثَّابِتُ في الرِّواياتِ أمْرُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتَّيمُّمِ بمسْحِ الوجهِ والكفَّيْنِ، وليس المسْحَ إلى نِصْفِ الذِّراعِ.
وفي الحديثِ: إقرارُ المجتهدِينَ لبَعضِهم، وإنَّ لم يَتوافَقوا في الرَّأْيِ..

مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/29865