صحيح القصص النبوي – الجزء الأول

نبذة عن كتاب صحيح القصص النبوي ج1

لقد جُبِلت النفوس على حب القَصص، ويُقبل عليها الناس مالا يقبلون على غيرها، فهي تترك في النفس أثرًا، وتهتز لها القلوب طربًا، وتصغى لها الأسماع فرحًا، ولذلك اعتنى القرآن بهذا النوع من الأدب، فنجد فيه أنواعًا من القصص النافع، وعلى خطى القرآن سار النبي ﷺ فقصَّ علينا من أنباء الأمم السابقة ما فيه العبر بلغة عربية فصيحة، وألفاظ سلسة، وتبيان عذب بليغ، وفي هذه السلسلة “صحيح القصص النبوي” نموذج من أروع القصص النبوي الصحيح، مقتبس من “صحيح القصص النبوي” للحويني فيها من الفوائد والعظات وتهذيب الأخلاق ما يشبع نهم النفس إلى هذا النوع من الأدب، سائلين المولى أن ينفع بهذا العمل ويتقبله منا، والحمد لله رب العالمين.

فهرس كتاب صحيح القصص النبوي ج1

  • المقدمة
  • القصة الأولى: حديث الغار
  • القصة الثانية: توبة قاتل المائة
  • القصة الثالثة: قصة الغلام وأصحاب الأخدود
  • القصة الرابعة: النبي الذي خاطب الشمس
  • القصة الخامسة: الأبرص والأقرع والأعمى

تحميل كتاب صحيح القصص النبوي – الجزء الأول

قراءة كتاب صحيح القصص النبوي ج1

القصة الأولى: حديث الغار

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ: انْطَلَقَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكُمْ حتّى أوَوْا المَبِيتَ إلى غارٍ، فَدَخَلُوهُ فانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عليهمُ الغارَ، فَقالوا: إنَّه لا يُنْجِيكُمْ مِن هذِه الصَّخْرَةِ إلّا أنْ تَدْعُوا اللَّهَ بصالِحِ أعْمالِكُمْ، فَقالَ رَجُلٌ منهمْ: اللَّهُمَّ كانَ لي أبَوانِ شيخانِ كَبِيرانِ، وكُنْتُ لا أغْبِقُ قَبْلَهُما أهْلًا، ولا مالًا فَنَأى بي في طَلَبِ شيءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عليهما حتّى ناما، فَحَلَبْتُ لهما غَبُوقَهُما، فَوَجَدْتُهُما نائِمَيْنِ وكَرِهْتُ أنْ أغْبِقَ قَبْلَهُما أهْلًا أوْ مالًا، فَلَبِثْتُ والقَدَحُ على يَدَيَّ، أنْتَظِرُ اسْتِيقاظَهُما حتّى بَرَقَ الفَجْرُ، فاسْتَيْقَظا، فَشَرِبا غَبُوقَهُما، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغاءَ وجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنّا ما نَحْنُ فيه مِن هذِه الصَّخْرَةِ، فانْفَرَجَتْ شيئًا لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ، قالَ النبيُّ ﷺ: وقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ كانَتْ لي بنْتُ عَمٍّ، كانَتْ أحَبَّ النّاسِ إلَيَّ، فأرَدْتُها عن نَفْسِها، فامْتَنَعَتْ مِنِّي حتّى ألَمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجاءَتْنِي، فأعْطَيْتُها عِشْرِينَ ومِئَةَ دِينارٍ على أنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وبيْنَ نَفْسِها، فَفَعَلَتْ حتّى إذا قَدَرْتُ عَلَيْها، قالَتْ: لا أُحِلُّ لكَ أنْ تَفُضَّ الخاتَمَ إلّا بحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عَلَيْها، فانْصَرَفْتُ عَنْها وهي أحَبُّ النّاسِ إلَيَّ، وتَرَكْتُ الذَّهَبَ الذي أعْطَيْتُها، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغاءَ وجْهِكَ، فافْرُجْ عَنّا ما نَحْنُ فِيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غيرَ أنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ منها، قالَ النبيُّ ﷺ: وقالَ الثّالِثُ: اللَّهُمَّ إنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَراءَ، فأعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُلٍ واحِدٍ تَرَكَ الذي له وذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أجْرَهُ حتّى كَثُرَتْ منه الأمْوالُ، فَجاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقالَ: يا عَبْدَ اللَّهِ أدِّ إلَيَّ أجْرِي، فَقُلتُ له: كُلُّ ما تَرى مِن أجْرِكَ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ والرَّقِيقِ، فَقالَ: يا عَبْدَ اللَّهِ لا تَسْتَهْزِئُ بي، فَقُلتُ: إنِّي لا أسْتَهْزِئُ بكَ، فأخَذَهُ كُلَّهُ، فاسْتاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ منه شيئًا، اللَّهُمَّ فإنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغاءَ وجْهِكَ، فافْرُجْ عَنّا ما نَحْنُ فِيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ. (صحيح البخاري ٢٢٧٢).

معاني الكلمات:

رهط: جماعة دون العشرة – لا أغبق: لا أقدم – فنأى بي : تأخر أمر بي – لم أرح : لم أرجع – غبوقهما : حليبهما – أن أغبق : أن أقدم – سنة : حاجة – تفض الخاتم: كناية عن الفَرْج – ثمرت: نمَّيت

القصة الثانية: توبة قاتل المائة

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عن أعْلَمِ أهْلِ الأرْضِ فَدُلَّ على راهِبٍ، فأتاهُ فقالَ: إنَّه قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهلْ له مِن تَوْبَةٍ؟ فقالَ: لا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ به مِئَةً، ثُمَّ سَأَلَ عن أعْلَمِ أهْلِ الأرْضِ فَدُلَّ على رَجُلٍ عالِمٍ، فقالَ: إنَّه قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ، فَهلْ له مِن تَوْبَةٍ؟ فقالَ: نَعَمْ، ومَن يَحُولُ بيْنَهُ وبيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إلى أرْضِ كَذا وكَذا، فإنَّ بها أُناسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فاعْبُدِ اللَّهَ معهُمْ، ولا تَرْجِعْ إلى أرْضِكَ، فإنَّها أرْضُ سَوْءٍ، فانْطَلَقَ حتّى إذا نَصَفَ الطَّرِيقَ أتاهُ المَوْتُ، فاخْتَصَمَتْ فيه مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذابِ، فقالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جاءَ تائِبًا مُقْبِلًا بقَلْبِهِ إلى اللهِ، وقالَتْ مَلائِكَةُ العَذابِ: إنَّه لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فأتاهُمْ مَلَكٌ في صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بيْنَهُمْ، فقالَ: قِيسُوا ما بيْنَ الأرْضَيْنِ، فَإِلى أيَّتِهِما كانَ أدْنى فَهو له، فَقاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أدْنى إلى الأرْضِ الَّتي أرادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ. قالَ قَتادَةُ: فقالَ الحَسَنُ ذُكِرَ لَنا، أنَّه لَمّا أتاهُ المَوْتُ نَأى بصَدْرِهِ. (صحيح مسلم ٢٧٦٦).

معاني الكلمات:

راهب: مَنْ تخلَّى عن ملذَّات الدُّنيا واعتزل النَّاس إلى دير طلبًا للعبادة. – يحول: يمنع – فاختصمت : تجادلت – نأى : بَعُد

القصة الثالثة: قصة الغلام وأصحاب الأخدود

عن صهيب الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “كانَ مَلِكٌ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ، وَكانَ له سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ، قالَ لِلْمَلِكِ: إنِّي قدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكانَ في طَرِيقِهِ، إذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، فأعْجَبَهُ فَكانَ إذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذلكَ إلى الرَّاهِبِ، فَقالَ: إذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وإذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إذْ أَتَى علَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقالَ: اليومَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فأخَذَ حَجَرًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ إنْ كانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إلَيْكَ مِن أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِه الدَّابَّةَ، حتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فأتَى الرَّاهِبَ فأخْبَرَهُ، فَقالَ له الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليومَ أَفْضَلُ مِنِّي، قدْ بَلَغَ مِن أَمْرِكَ ما أَرَى، وإنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فلا تَدُلَّ عَلَيَّ، وَكانَ الغُلَامُ يُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِن سَائِرِ الأدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كانَ قدْ عَمِيَ، فأتَاهُ بهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقالَ: ما هَاهُنَا لكَ أَجْمَعُ، إنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقالَ: إنِّي لا أَشْفِي أَحَدًا إنَّما يَشْفِي اللَّهُ، فإنْ أَنْتَ آمَنْتَ باللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ باللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ، فأتَى المَلِكَ فَجَلَسَ إلَيْهِ كما كانَ يَجْلِسُ، فَقالَ له المَلِكُ: مَن رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قالَ: رَبِّي، قالَ: وَلَكَ رَبٌّ غيرِي؟ قالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ، فأخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حتَّى دَلَّ علَى الغُلَامِ، فَجِيءَ بالغُلَامِ، فَقالَ له المَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ قدْ بَلَغَ مِن سِحْرِكَ ما تُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فَقالَ: إنِّي لا أَشْفِي أَحَدًا، إنَّما يَشْفِي اللَّهُ، فأخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حتَّى دَلَّ علَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بالرَّاهِبِ، فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى، فَدَعَا بالمِئْشَارِ، فَوَضَعَ المِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بجَلِيسِ المَلِكِ فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى فَوَضَعَ المِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ به حتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلَامِ فقِيلَ له ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى فَدَفَعَهُ إلى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقالَ: اذْهَبُوا به إلى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا به الجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فإنْ رَجَعَ عن دِينِهِ، وإلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا به فَصَعِدُوا به الجَبَلَ، فَقالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بما شِئْتَ، فَرَجَفَ بهِمِ الجَبَلُ فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إلى المَلِكِ، فَقالَ له المَلِكُ: ما فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَدَفَعَهُ إلى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقالَ: اذْهَبُوا به فَاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ، فَتَوَسَّطُوا به البَحْرَ، فإنْ رَجَعَ عن دِينِهِ وإلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا به، فَقالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بما شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بهِمِ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إلى المَلِكِ، فَقالَ له المَلِكُ: ما فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَقالَ لِلْمَلِكِ: إنَّكَ لَسْتَ بقَاتِلِي حتَّى تَفْعَلَ ما آمُرُكَ به، قالَ: وَما هُوَ؟ قالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي علَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِن كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: باسْمِ اللهِ رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فإنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذلكَ قَتَلْتَنِي، فَجَمع النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ علَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبْدِ القَوْسِ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ في صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ في مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقالَ النَّاسُ: آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، فَأُتِيَ المَلِكُ فقِيلَ له: أَرَأَيْتَ ما كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ، قدْ آمَنَ النَّاسُ، فأمَرَ بالأُخْدُودِ في أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقالَ: مَن لَمْ يَرْجِعْ عن دِينِهِ فأحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قيلَ له: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمعهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقالَ لَهَا الغُلَامُ: يا أُمَّهْ، اصْبِرِي فإنَّكِ علَى الحَقِّ”. (صحيح مسلم ٣٠٠٥).

معاني الكلمات:

الأدواء : الأمراض – المئشار : المنشار – رجف: تحرَّك واضطرب اضطرابًا شديدًا. – كفانيهم : حفظني وحماني منهم – القُرْقُورُ : السَّفينةُ الطويلة العظيمة – انكفأت: مالت – الصعيد: الموضعُ الواسعُ – الكنانة : جَعْبة صغيرة من جلد أو نحوه ؛ لوضع السِّهام – صدغه: جانب الوجه من العين إِلى الأذن – الأخدود: شَقٌّ مستطيل غائر في الأرض ، أو فتحة عميقة أو حُفرة في الأرض وخاصَّة فوق سطح الأرض – أضرم: أشعل.

القصة الرابعة: النبي الذي خاطب الشمس

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “غَزا نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ، فَقالَ لِقَوْمِهِ: لا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وهو يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بها؟ ولَمّا يَبْنِ بها، ولا أَحَدٌ بَنى بُيُوتًا ولَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَها، ولا أَحَدٌ اشْتَرى غَنَمًا أَوْ خَلِفاتٍ وهو يَنْتَظِرُ وِلادَها، فَغَزا فَدَنا مِنَ القَرْيَةِ صَلاةَ العَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِن ذلكَ، فَقالَ لِلشَّمْسِ: إنَّكِ مَأْمُورَةٌ وأَنا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْها عَلَيْنا، فَحُبِسَتْ حتّى فَتَحَ اللَّهُ عليه، فَجَمع الغَنائِمَ، فَجاءَتْ يَعْنِي النّارَ لِتَأْكُلَها، فَلَمْ تَطْعَمْها فَقالَ: إنَّ فِيكُمْ غُلُولًا، فَلْيُبايِعْنِي مِن كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بيَدِهِ، فَقالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَلْيُبايِعْنِي قَبِيلَتُكَ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ بيَدِهِ، فَقالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَجاؤُوا برَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعُوها، فَجاءَتِ النّارُ، فأكَلَتْها ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنا الغَنائِمَ رَأى ضَعْفَنا، وعَجْزَنا فأحَلَّها لَنا” (صحيح البخاري ٣١٢٤).

معاني الكلمات:

لا يتبعني رجل ملكَ بضع امرأة أي: أنه تزوج امرأة، أو عقد على امرأة – الخَلِفات : النوق الحوامل التي دنا ولادها – الغنائم: ما يحصل من العدو في الحرب – الغلول : الأخذ من الغنيمة قبل أن تقسم

القصة الخامسة: الأبرص والأقرع والأعمى

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “إنَّ ثَلاثَةً في بَنِي إِسْرائِيلَ: أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمى، بَدا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فأتى الأبْرَصَ، فَقالَ: أَيُّ شيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قدْ قَذِرَنِي النّاسُ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عنْه، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا، وَجِلْدًا حَسَنًا، فَقالَ: أَيُّ المالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: الإبِلُ، – أَوْ قالَ: البَقَرُ، هو شَكَّ في ذلكَ: إنَّ الأبْرَصَ، والأقْرَعَ، قالَ أَحَدُهُما الإبِلُ، وَقالَ الآخَرُ: البَقَرُ -، فَأُعْطِيَ ناقَةً عُشَراءَ، فَقالَ: يُبارَكُ لكَ فِيها وَأَتى الأقْرَعَ فَقالَ: أَيُّ شيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هذا، قدْ قَذِرَنِي النّاسُ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قالَ: فأيُّ المالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: البَقَرُ، قالَ: فأعْطاهُ بَقَرَةً حامِلًا، وَقالَ: يُبارَكُ لكَ فِيها، وَأَتى الأعْمى فَقالَ: أَيُّ شيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرُ به النّاسَ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قالَ: فأيُّ المالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ الغَنَمُ: فأعْطاهُ شاةً والِدًا، فَأُنْتِجَ هذانِ وَوَلَّدَ هذا، فَكانَ لِهذا وادٍ مِن إِبِلٍ، وَلِهذا وادٍ مِن بَقَرٍ، وَلِهذا وادٍ مِن غَنَمٍ، ثُمَّ إنَّه أَتى الأبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ، تَقَطَّعَتْ بيَ الحِبالُ في سَفَرِي، فلا بَلاغَ اليومَ إِلّا باللَّهِ ثُمَّ بكَ، أَسْأَلُكَ بالَّذِي أَعْطاكَ اللَّوْنَ الحَسَنَ، والجِلْدَ الحَسَنَ، والمالَ، بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عليه في سَفَرِي، فَقالَ له: إنَّ الحُقُوقَ كَثِيرَةٌ، فَقالَ له: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النّاسُ، فقِيرًا فأعْطاكَ اللَّهُ؟ فَقالَ: لقَدْ وَرِثْتُ لِكابِرٍ عن كابِرٍ، فَقالَ: إنْ كُنْتَ كاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إلى ما كُنْتَ، وَأَتى الأقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقالَ له: مِثْلَ ما قالَ لِهذا، فَرَدَّ عليه مِثْلَ ما رَدَّ عليه هذا، فَقالَ: إنْ كُنْتَ كاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إلى ما كُنْتَ، وَأَتى الأعْمى في صُورَتِهِ، فَقالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وابنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بيَ الحِبالُ في سَفَرِي، فلا بَلاغَ اليومَ إِلّا باللَّهِ ثُمَّ بكَ، أَسْأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شاةً أَتَبَلَّغُ بها في سَفَرِي، فَقالَ: قدْ كُنْتُ أَعْمى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفقِيرًا فقَدْ أَغْنانِي، فَخُذْ ما شِئْتَ، فَواللَّهِ لا أَجْهَدُكَ اليومَ بشيءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقالَ أَمْسِكْ مالَكَ، فإنَّما ابْتُلِيتُمْ، فقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ، وَسَخِطَ على صاحِبَيْكَ”. (صحيح البخاري ٣٤٦٤).

معاني الكلمات:

ناقة عُشَراءُ : مضى على حملها عشرة أشهر – لكَابِرُ : الجَدُّ الأَكبر – لا أجهدك: الجهد : المشقة ، والمعنى : لا أشق عليكم بمنع ولا منة