الحياء من خصائص عثمان بن عفان رضي الله عنه

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، وَعُثْمَانَ حَدَّثَاهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ، لَابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ؛ فَأَذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ، قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ: ” اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ “. فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَتِي ثُمَّ انْصَرَفْتُ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيتُ إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أَنْ لَا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ “. (صحيح مسلم 2402).
فَزِعْتَ: اهتممت وتأهبت متحولاً من حال إلى حال.[/box]

الشرح والإيضاح

كانَ مِن شأنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ أن يُميِّزَ شخصياتِ أصحابِهِ رِضوانُ اللهِ عليهِم ويُعامِلَ كلَّ واحدٍ منهُم بما يَليقُ مِن شَخصيَّتِهِ؛ وفي هذا الحديثِ أنَّ أبا بَكرٍ رضِي اللهُ عنه استأذَنَ على النبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ، أي: طلَبَ الدُّخولَ إلَيه، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ مُضطجِعٌ على فراشِهِ، لابسٌ مِرْطَ عائشةَ رضِي اللهُ عنها، و”المِرطُ”: كِساءٌ مِن صُوفٍ أو كَتَّانٍ أو غَيرِه، والمُرادُ به: الإزارُ، فأَذِنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ لأبي بكرٍ وهوَ كذلِكَ، أي: وهوَ على اضطِجاعِه، فقَضى أبو بكرٍ رضِيَ الله عنه حاجتَه معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ثمَّ انصرَفَ، ثمَّ استأذَن عُمرُ رضِيَ الله عنه علَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ؛ فأَذِنَ له وهوَ على تِلكَ الحالِ- أي: وهو مُضطجِعٌ- فقَضَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ لعُمرَ حاجتَهُ، وانصرَفَ، ثمَّ جاءَ عُثمانُ رضِيَ الله عنه فاستأذَن على النبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فجلَسَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ، وقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ لعائشةَ رضِيَ الله عنها: اجمَعي عليكِ ثِيابَكِ، أي: بالِغي مِن تستُّركِ، فقَضَى له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ حاجتَه ثمَّ انصرَفَ، فقالَت عائشةُ: يا رسولَ اللهِ، ما ليَ لمْ أرَكَ فَزِعتَ لأبي بَكرٍ وعُمرَ رضِيَ الله عنهما كما فَزِعتَ لعُثمانَ؟ أي: لم يَهتمَّ باعتدالِه لأبي بكرٍ وعُمرَ رضِيَ الله عنهما كما اهتمَّ لعُثمانَ رضِيَ الله عنه، فأجابَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ وأوضَحَ أنَّ سبب اهتمامِه لعُثمانَ: أنَّ عُثمانَ رجلٌ حييٌّ، أي: ذُو حياءٍ، فخَشيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ إنْ أَذِنَ له وهوَ على اضطجاعِه هذا، ألَّا يُبلِغَ إليه حاجتَه، أي: خَشِي أنْ يَمنعَه حياؤُه مِن عَرضِ حاجتِه، وقَضائِها.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/23516