التحذير من المشقَّة على الناس والحث على الرِّفقِ بهم

عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: “اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ” أخرجه مسلم:1828 قال الصنعاني رحمه الله: “وَالدُّعَاءُ عَلَيْهِ مِنْهُ ﷺ بِالمشَقَّةِ جَزَاءٌ مِنْ جِنْسِ الْفِعْلِ، وَهُوَ عَامٌّ لِمَشَقَّةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَالِي تَيْسِيرُ الْأُمُورِ عَلَى مَنْ وَلِيَهُمْ، وَالرِّفْقُ بِهِمْ، وَمُعَامَلَتُهُمْ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَإِيثَارِ الرُّخْصَةِ عَلَى الْعَزِيمَةِ فِي حَقِّهِمْ؛ لِئَلَّا يُدْخِلَ عَلَيْهِمُ المشَقَّةَ، وَيَفْعَلَ بِهِمْ مَا يُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ اللهُ”

سبل السلام: 7/160

الشرح و الإيضاح

أتَى عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ شَمَاسَةَ إلى عَائِشَةَ رضِي اللهُ عنها يَسأَلُها عن شيءٍ، فقالت: مِمَّنْ أنت؟ فقال: رَجُلٌ مِن أهلِ مِصْرَ، فقالت: كيفَ كان صاحِبُكم لكم؟ وأرادَتْ به مُعَاوِيَةَ بنَ حُدَيْجٍ، وكان مُوَالِيًا لِمُعَاوِيَةَ بنِ أبي سُفْيَانَ رضِي اللهُ عنهما؛ في غَزَاتِكُم هذه، فقال عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ شَمَاسَةَ: ما نَقِمْنا منه شيئًا، أي: ما كَرِهْنا منه ولا عِبْنا عليه شيئًا؛ إنْ كان لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا البَعِيرُ فيُعطِيه البعيرَ، ويَمُوتُ للرَّجلِ منَّا العبدُ فيُعطِيه العَبْدَ، ويَحْتَاجُ إلى النَّفَقَةِ فيُعطِيه النَّفَقَةَ، فقالت عَائِشَة: أَمَا إنَّه لا يَمْنَعُني الَّذِي فَعَل في مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكْرٍ أَخِي، وهو أنَّ أخَاها مُحَمَّدًا كان والِيًا لِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ على مِصْرَ، فلمَّا انتَصَر جيشُ مُعَاوِيَةَ قَتَله مُعَاوِيَةُ بنُ حُدَيْجٍ؛ أن أُخْبِرَك ما سَمِعْتُ مِن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يَقُولُ في بَيتِي هذا: اللَّهُمَّ مَن وَلِيَ، أي: مَن جُعِل والِيًا؛ مِن أمرِ أُمَّتِي شيئًا، أي: مِنَ الأُمورِ، أو نوعًا من الوِلاية؛ فشَقَّ عليهم، أي: شَدَّد عليهم؛ فاشْقُقْ عليه، أي: اشْدُدْ عليه، جَزاءً وِفاقًا؛ ومَن وَلِيَ مِن أمرِ أُمَّتِي شيئًا فرَفَق بهم فارْفُق به، والرِّفْقُ: أن تَسِيرَ بالناسِ بِحَسَبِ أمرِ الله ورسولِه، ولكنْ تَسلُكُ أقرَبَ الطُّرُقِ وأرفَقَها بالناسِ، ولا تَشُقُّ عليهم في شيءٍ ليس عليه أمرُ الله ورسولِه.
في الحديثِ: يَنبغِي أن يُذكَرَ فضلُ أهلِ الفضلِ، ولا يُمتَنَعُ منه بِسَبَبِ عَداوَةٍ ونحوِها.
وفيه: أنَّ مِن هَدْيِه صلَّى الله عليه وسلَّم الرِّفْقَ بالناسِ، وعَدَمَ الإشقاقِ عليهم.
وفيه: التَّنبِيهُ لِوُلاةِ الأمورِ على السَّعْيِ في مصالِحِ الرَّعِيَّةِ، والجَهْدِ في دَفْعِ ضَرَرِهم وما يَشُقُّ عليهم من قولٍ أو فعلٍ، وعدمِ الغَفْلَةِ عن أحوالِهم.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/867

تحميل التصميم