علي بن أبي طالب رضي الله عنه يحب الله ورسوله

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: ” لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ “.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَتَسَاوَرْتُ لَهَا؛ رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لَهَا.
قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَقَالَ: ” امْشِ وَلَا تَلْتَفِتْ، حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ “.
قَالَ: فَسَارَ عَلِيٌّ شَيْئًا، ثُمَّ وَقَفَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ، فَصَرَخَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى مَاذَا أُقَاتِلُ النَّاسَ؟ قَالَ: ” قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؛ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ”. (صحيح مسلم 2405).[/box]

الشرح والإيضاح

يَحكي أَبو هُريرَةَ رضِي اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ يومَ خَيبَرَ- وكانت في السَّنَةِ السَّابِعَةِ-: لأُعطِيَنَّ هذِه الرَّايةَ، والرَّايةُ: هيَ ما يُسمَّى عِندَنا العَلَمَ، يَحمِلُه القائدُ مِن أَجْلِ أنْ يَهتديَ به الجَيشُ وَراءَه. رجلًا يُحبُّ اللهَ ورَسولَه؛ يَفتَحُ اللهُ على يَديه، أي: بَعضَ حُصونِ خَيبرَ. وقد ذَكَر عُمرُ رضِي اللهُ عنه أنه ما أَحَبَّ الإمارةَ وأنْ يَكونَ هوَ المقصودَ إلا يومئذٍ؛ رَجاءَ أن يُصيبَه ما قالَه النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، “فتَساوَرَ”، أي: تَطاوَلَ لَها رَجاءَ أنْ يُدعَى لَها، فَدَعا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليَّ بنَ أَبي طالِبٍ رضِي اللهُ عنه فأَعطاهُ إِيَّاها، وقال: امشِ ولا تَلتَفِتْ؛ لئَلَّا يَشغَلَك ذلكَ الالتفاتُ عن كَمالِ التَّوجُّهِ، حتَّى يَفتحَ اللهُ عَليكَ، أي: واصْبِرْ على الجِهادِ واتْرُكِ الالتِفاتَ إِلى أنْ يَفتحَ اللهُ عَليكَ، فسارَ عليٌّ، أي: عَقِبَ الأَمرِ مُبادِرًا لِلجِهادِ شيئًا، أي: منَ السَّيرِ، ثُمَّ وَقفَ ولم يَلتفتْ لئَلَّا يُخالفَ نَهيَه عنه، فصَرخَ، أي: رَفعَ صَوتَه؛ يا رسولَ اللهِ عَلى ماذا أُقاتلُ النَّاسَ؟ بمعنى: على أيِّ شيءٍ أُحارِبُهم؟ فَقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قاتِلْهم حتَّى يَشهَدوا أنْ لا إِلَه إلَّا اللهُ وأنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللهِ؛ فإِذا فَعلوا ذلكَ، أي: إِذا تَلفَّظوا بِهذِه الكَلمةِ فَقدْ مَنَعوا مِنكَ دَماءَهم وأَموالَهم (إلَّا بِحقِّها)، وهو يَشمَلُ كُلَّ شَيءٍ يَكفُرُ بِه الإِنسانُ مَع قَولِ لا إِلَهَ إلَّا اللهُ، فإنَّ مَن كَفَر وإنْ كانَ يَقولُ: لا إِلَهَ إلَّا اللهُ مُحمَّدٌ رَسولُ اللهِ، ولكنَّه أَتى بِمُكفِّرٍ ؛ فإنَّ هَذه الكَلمِةَ لا تَنفَعُه. وحِسابُهم عَلى اللهِ، أي: يَكُفُّ عنْ قِتالِهم بنُطقِهم بذلِكَ، وأَمَّا ما بَينَهم وبَينَ اللهِ تَعالى فإنْ صَدقوا وآمَنوا بالقَلبِ نَفَعَهم ذلكَ في الآخِرَةِ ونَجَوْا منَ العَذابِ كَما نَفَعَهُم في الدُّنيا، وإلَّا فَلا يَنفَعُهم بل يَكونونَ مُنافقينَ مِن أهلِ النَّارِ.
في الحديثِ: الدُّعاءُ إِلى الإسلامِ قَبلَ القِتالِ.
وفيه: إِخبارُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عنِ الغَيبيَّاتِ.
وفيه: الحثُّ على المُبادرَةِ إلى ما أُمِرَ بِه، والأخْذِ بِظاهرِ الأَمرِ وتَركِ الوُجوهِ المُحتمِلاتِ إذا خالفَتِ الظَّاهِرَ.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/17392