من صيغ التشهد في الصلاة

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عن عبد الرحمن بن عبد القاريّ أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على المنبر يُعَلِّمُ النَّاس التَّشَهُّد، يقول: «قولوا: التحيات لله، الزَّاكيات لله، الطَّيبات لله، الصَّلوات لله، السَّلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسولهُ» (أخرجه مالك في الموطأ 1/267 وصححه الألباني).[/box]

الشرح والإيضاح

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُ أصحابَه التَّشهُّدَ كما يُعلِّمُهم السُّورةَ مِن القرآنِ؛ ولذلك حرَصَ الصحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم على تعليمِه لمَن بعدَهم مِن التابِعِين.
وفي هذا الأثرِ يَروي التابعيُّ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عبدٍ القارِيُّ: “أنَّه سَمِع عُمَرَ بنَ الخطَّابِ وهو على المِنبرِ” في المدينةِ النَّبويَّةِ وهو يخطُبُ “يُعلِّمُ الناسَ التَّشهُّدَ”، وموضِعُ التَّشهُّدِ في الصَّلاةِ في الجِلْسةِ التي بعدَ الرَّكعتَينِ والجِلْسةِ التي قبلَ التَّسْليمِ، وكان عُمَرُ يأمُرُ الناسَ ويُرشِدُهم فيقولُ لهم: “قولوا: التَّحيَّاتُ للهِ”، والتَّحيَّاتُ جمْعُ تَحيَّةٍ، وهي: المُلكُ، وقيل: البقاءُ؛ كأنَّه قيل: المُلكُ والبقاءُ للهِ عزَّ وجلَّ، وقيل: معناها: السَّلامُ، أو السَّلامةُ مِن الآفاتِ والنَّقصِ، وقيل: العَظَمةُ، وقيل: التَّحيَّاتُ: العِباداتُ القوليَّةُ، وقيل: المرادُ بالتَّحيَّاتِ أنواعُ التَّعظيمِ، والمعنى: أنَّها كلَّها مُستحَقَّةٌ للهِ تعالى، “الزاكياتُ” وهي النَّامِياتُ الزَّائِداتُ مِن الثَّناءِ والحَمْدِ له سبحانَه، وله كذلك “الطيِّباتُ” مِن الكلامِ الجميلِ الحَسنِ، أو العباداتُ الكاملةُ الخالِصةُ مِن الشَّوائبِ، وقيل: هي العِباداتُ الماليَّةُ، “الصلواتُ للهِ” وهي الدُّعاءُ، أو الرَّحمةُ، وقيل: العِباداتُ كلُّها، وقيل: هي العِباداتُ الفِعليَّةُ، والمعنى: أنَّ التَّحِيَّاتِ وما بعدَها مُستَحَقَّةٌ للهِ تعالى، لا تَصلُحُ حقيقتُها لِغَيْرِه، ثمَّ يقولُ المسلِمُ بعدَ ذلك: “السلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ”، ومعناه السَّلامُ الذي وُجِّهَ إلى الأنبياءِ المتقدِّمةِ مُوَجَّهٌ إليكَ أيُّها النبيُّ، أو السَّلامُ المعروفُ لكلِّ أحدٍ، وهو اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ تعالى، ومعناه: التَّعويذُ باللهِ والتَّحصينُ به، أو هو السَّلامةُ مِن كلِّ عَيبٍ وآفةٍ ونَقصٍ وفَسادٍ، “وبرَكاتُه” والبرَكةُ هي النَّماءُ والزِّيادةُ في الخيرِ، “السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحينَ” ومعناه السَّلامُ الذي وُجِّهَ إلى الأُمَمِ السَّابقةِ مِن الصُّلَحاءِ علينا وعلى إخوانِنا مِن الصالحينَ والمؤمنينَ القائمينَ بأمرِ اللهِ وحقوقِه، “أَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأَشهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه”، أي: إنَّني بوصفي مُسلِمًا أُقِرُّ وأَعتَرِفُ وأُسَلِّمُ أنَّه لا معبودَ بِحَقٍّ إلَّا اللهُ سبحانَه وتعالى، وأُومِنُ أنَّ محمَّدًا رسولٌ مُرسَلٌ مِن عندِ اللهِ للنَّاسِ أجمَعينَ، وليس بِكَذَّابٍ ولا ساحِرٍ ولا كاهِنٍ كما يقولُ الكُفَّارُ والمشرِكونَ.
وهذه إحدى صِيَغِ التشهُّدِ، وقد ورَدتْ في الصِّحاحِ بصيغٍ أُخرى متعدِّدةٍ.
وفي الحديثِ: بيانُ حِرصِ الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم على تعليمِ سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِمَن بعدَهم .
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/148878