فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قال رسول الله ﷺ: (صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ) (صحيح البخاري 1878). ومعناه أنّ من داوم على صوم ثلاثة أيام من كل شهر، كان كمن صام الدهر كلّه.[/box]

الشرح والإيضاح

يَحْكي عَبدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو رضي الله عنه أنَّ أباه عَمْرَو بنَ العاصِ رضي الله عنه أَنكَحَه امْرَأةً يُقالُ إنَّها أُمُّ مُحَمَّدِ بِنتُ مَحْميَةَ بنِ جَزْءٍ الزُّبَيْديِّ، ذات شَرَفٍ بِالآباءِ، فَكانَ عَمْرٌو رضي الله عنه يَتَعاهَد “كَنَّتَه”، وَهيَ زَوجةُ ابنِه فَيَسأَلها عَن شَأنِ ابنِه بَعْلها، فَتَقولُ في الجَوابِ نِعْمَ الرَّجُلُ مِن رَجُل لَم يَطَأْ لَنا فِراشًا، أي: لَم يُضاجِعنا حَتَّى يَطَأ لَنا فِراشًا وَلَم يُفَتِّش لَنا “كَنَفًا”، أي: ساتِرًا مُنذُ أتَيْناه، فَلَمَّا طالَ ذَلك على عَمْرٍو رضي الله عنه، وَخافَ أن يَلحَقَ ابنَه إِثمٌ بِتَضْييعِ حَقِّ الزَّوجةِ ذَكَرَ ذَلك للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فَقالَ صلَّى الله عليه وسلَّم لعَمْرو رضي الله عنه: الْقَني بِابنِك عَبدِ اللهِ، فَسَألَه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كَيْفَ تَصومُ؟ فَأجابَه: أصومُ كُلَّ يَوم. وَكَيْفَ تَختِم القُرآنَ؟ فَأجابَه: أخْتِم كُلَّ لَيلة. فَقالَ لَه صلَّى الله عليه وسلَّم: صُم في كُلِّ شَهر ثَلاثةَ أيَّامٍ واقرَأ القُرآنَ في كُلِّ شَهْر خَتْمة. قالَ عَبْدُ الله: يا رَسولَ اللهِ، أُطيقُ أكثَرَ مِن ذَلك، فَقالَ صلَّى الله عليه وسلَّم: صُم ثَلاثةَ أيَّامٍ في الجُمْعةِ، أي: في الأُسبوعِ. فَقالَ عَبدُ اللهِ: أُطيقُ أكثَرَ مِن ذَلك، فَقالَ: أفطِرْ يَومَينِ وَصُم يَومًا، فَقالَ: أُطيقُ أكثَرَ مِن ذَلك. قالَ: صُم أفضَلَ الصَّومِ صَومَ داوُدَ نَبيِّ اللهِ عليه السَّلامُ، صيام يَوْم وَإِفْطار يَومٍ، واقرَأْ كُلَّ القُرآنِ في كُلِّ سَبْعِ لَيالٍ مَرَّة. قالَ عَبدُ اللهِ: (فَلَيتَني قَبِلتُ رُخْصةَ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ وَذاكَ إِنِّي كَبِرتُ وَضَعُفتُ).
فَكانَ يَقرَأ على بَعضِ أهْلِه، أي: مَن تَيسَّرَ منهم، السُّبْعَ مِن القُرْآنِ بِالنَّهارِ، والَّذي يَقرَؤُه يُريدُ أن يَقْرَأه بِاللَّيْلِ يَعرِضه مِن النَّهارِ ليَكونَ أخَفَّ عليه بِاللَّيلِ، وَإِذا أرادَ أن يَتَقَوَّى على الصِّيامِ أفْطَرَ أيَّامًا وَأحْصى عَدَد أيَّام الإِفْطارِ وَصامَ أيَّامًا مِثلَهنَّ كَراهةَ أن يَترُكَ شَيْئًا فارَقَ عليه النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
في الحَديثِ: أنَّ أفْضلَ صَوم التَّطوُّع هو صَوْمُ نَبيِّ الله داوُدَ عليه السَّلامُ.
وفيه: الاقتِصادُ في بَعْضِ العِباداتِ؛ ليَتَبَقَّى بَعضُ القوَّةِ لغَيرِها.
وفيه: بَيانُ رِفقِ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بأُمَّتِه، وَشَفَقَتِه عليهم، وَإِرشادِه إيَّاهُم إلى ما يُصلِحهم، وَحَثِّه إيَّاهم على ما يُطيقونَ الدَّوامَ عليه، وَنَهْيهم عَن التَّعمُّقِ في العِبادةِ؛ لما يُخْشى مِن إِفْضائِه إلى المَلَلِ أو تَركِ البَعضِ
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/8100