تفقد النبي ﷺ لأصحابه بدقة وحرصه عليهم

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ، فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: “” هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ “” قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. ثُمَّ قَالَ: “” هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ “” قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. ثُمَّ قَالَ: “” هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ “” قَالُوا: لَا. قَالَ: “” لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا فَاطْلُبُوهُ “”. فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى، فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأَتَى النَّبِيُّ ﷺ فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: “” قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ “”. قَالَ: فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ، لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: فَحُفِرَ لَهُ، وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا. (صحيح مسلم ٢٤٧٢)[/box]

الشرح و الإيضاح

كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَغْزًى له، أي: في غَزوةٍ، فَأفاءَ اللهُ عليه، “وَالْفَيْءُ” هو ما أُخِذَ مِنَ الكُفَّارِ على سبيلِ الغَلَبةِ بِلا قتالٍ ولا إِيجافٍ، أي: إسراعِ خَيْلٍ أو رِكابٍ أو نحوِهما، مِن جِزيةٍ، أو ما هَربُوا عنه لِخوفٍ أو غيرِه، أو صُولِحُوا عليه بِلا قتالٍ، وسُمِّيَ فَيْئًا لِرجوعِه مِنَ الكفَّارِ إلى الْمُسلمينَ، فَسألَ أصحابَهُ: هل تَفقِدُون أَحَدًا؟ فَأجابوا: نعم؛ فُلانًا وفلانًا وفلانًا، ويَقصِدُون مَنْ يَعرِفونَهم مِن قريبٍ أو حبيبٍ، ثُمَّ أعادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليهمُ السُّؤالَ مرَّةً أُخرى فَأجابوا: نعم؛ فُلانًا وفلانًا وفلانًا، ثُمَّ أعادَ السُّؤالَ مَرَّةً ثالثَةً؛ فَأجابُوه: لا، أي: لا نَفقِدُ سِوى مَن ذَكَرْنَا، وهذا السُّؤالُ مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّمَا مقصودُه التَّنويهُ والتَّفْخيمُ بِمَنْ لم يَحُفُلوا به، ولا الْتَفَتُوا إليه؛ لِكونِه كان غامضًا في النَّاسِ، ولِكَونِ كلٍّ واحدٍ منهم أُصِيبَ بِقَريبِهِ أوْ حَبِيبِه، فَقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لَكِنَّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، أي: فَقْدُه أَعظمُ مِن فَقْدِ كلِّ مَن فُقِدَ، والمصابُ به أشدُّ، فَاطلُبوه فَطُلِبَ في القَتْلى؛ فَوَجدُوه إلى جَنْبِ سبعةٍ قد قَتَلَهُم، ثُمَّ قَتلُوه، فَأَتى النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَوقَفَ عليه، فَقال: قَتلَ سَبعةً، ثُمَّ قَتلُوه هذا مِنِّي وأنا منه، مَعناه المبالغةُ في اتِّحادِ طَريقَتَيهِمَا، واتِّفاقُهما في طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ثُمَّ أَقبَلَ بِإكرامِه عليه، وَوسَّدَه سَاعِدَيْه؛ مُبالغةً في كَرامَتِه؛ وَلِتنالَهُ بركةُ مُلامسَتِه، فَحُفِرَ له ووُضِعَ في قَبرِه ولم يُغَسَّلْ؛ لأنَّه شَهيدٌ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
في الحديثِ: فضلُ جُلَيْبِيبٍ رضِي اللهُ عنه.
وفيه: أنَّ مِن هَديِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ألَّا يُغَسِّلَ الشَّهيدَ.

مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/17029