النبي ﷺ يرسل جريرًا لهدم الكعبة اليمانية

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْخَلَصَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، وَالْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “” هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ، وَالْكَعْبَةِ الْيَمَانِيَةِ، وَالشَّامِيَّةِ؟ “” فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ فَكَسَرْنَاهُ، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ. (صحيح مسلم ٢٤٧٦).[/box]

الشرح و الإيضاح

في هذا الحديثِ يَحكي جَرِيرٌ رَضِيَ الله عنه: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال له: ألَا تُرِيحُني، أي: ألا تُرِيحُ قَلبي منْ ذي الخَلَصَةِ، وكان بَيتًا باليَمَنِ يُشْرَكُ فيه بالله منْ قَبيلةِ خَثْعَمَ وبَجِيلَةَ فيه نُصُبٌ، أي: حِجارةٌ يَذبحونَ عليها، وكانت تُعْبَدُ ويُقالُ لها الكَعْبَةُ؛ فانْطلقَ جَرِيرٌ في خَمسينَ ومائة فارسٍ منْ أحْمَسَ-وهي قَبيلةٌ منَ العَربِ- وكانوا أصحابَ خَيْلٍ، أي: لهم ثَباتٌ عليها، وكان جَرِيرٌ لا يَثْبُتُ على الخَيْلِ، فَضربَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على صَدْرِهِ حتَّى رَأى أثرَ أصابعِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في صَدْرِهِ ودَعا له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ واجعلْهُ هادِيًا مَهدِيًّا؛ فلمْ يَسقطْ جَرِيرٌ بعدَ ذلكَ عنْ فَرسٍ، ثُم َّانْطلقَ ومَنْ مَعهُ إلى ذي الخَلَصَةِ، فَكسرَ بِناءَها وحَرَّقِ بالنَّارِ أخشابَها.
ولمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ اليَمنَ كان بها رَجلٌ يَسْتَقْسِمُ بالأزْلَامِ – أي: يَطلبُ قِسْمَهُ منَ الشَّرِّ والخَيرِ بالقَدَحِ- فَقِيلَ له: إنَّ رَسولَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هاهنا، فإنْ قَدَرَ عليكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ.
قال: فَبينما هو يَضرِبُ بالأزْلامِ إذْ وَقفَ عليه جَرِيرٌ، فقال له: لَتَكْسِرَنَّها ولتَشْهَدَنَّ أنْ لا إله إلَّا الله، أو لأضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. قال: فَكَسرَها وشَهِدَ أنْ لا إله إلَّا الله، ثُمَّ بَعثَ جَرِيرٌ رَجلًا منْ أحْمَسَ يُكْنَّى أبا أرْطاةَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُبَشِّرُهُ بذلكَ النَّصرِ، فلمَّا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: يا رَسولَ الله، والَّذي بَعثكَ بِالحقِّ، ما جِئْتُ حتَّى تَركتُها كَأنَّها جَملٌ أجْرَبُ منْ سَوادِ الإحْراقِ وشِدَّتِهِ.
قال: فَبَرَّكَ-أي دَعا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالبَركةِ- على خَيْلِ أحْمَسَ ورِجالِها خَمسَ مَرَّاتٍ.
في الحَديثِ: أنَّ مِنْ هَدْيِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هَتْكَ ما يَفْتتِنُ بهِ النَّاسُ مِنْ بِناءٍ أو إنسانٍ أو حَيوانٍ أو غَيرهِ.
وفيه: أنَّ مِنْ هَدْي السَّلَفِ الصَّالحِ إرسالَ البَشيرِ بالفُتوحِ.
وفيه: النِّكايةُ بإزالةِ الباطلِ وآثارهِ، والمُبالغةُ في إزالتِهِ، والحَثُّ على إزالةِ الشِّرْكِيَّاتِ.
وفيه: فَضلُ جَرِيرِ بنِ عَبدِ الله رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: بَركةُ دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: أنَّ مِنْ هَدْيِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعْثَ البُعوثِ وإرسالَ الدُّعاةِ.

مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/23320