مسارعة الصحابة في الاستجابة لأمر الله ورسوله
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كُنْتُ ساقِيَ القَوْمِ في مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وكانَ خَمْرُهُمْ يَومَئذٍ الفَضِيخَ، فأمَرَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ مُنادِيًا يُنادِي: أَلا إنَّ الخَمْرَ قدْ حُرِّمَتْ. قالَ: فَقالَ لي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فأهْرِقْها، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُها، فَجَرَتْ في سِكَكِ المَدِينَةِ. فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ: قدْ قُتِلَ قَوْمٌ وهي في بُطُونِهِمْ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {ليسَ على الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣] الآيَةَ. (صحيح البخاري ٢٤٦٤).
الْفَضِيخَ: شراب يتخذ من البسر والتمر من غير أن تمسه النار. والبسر: هو ثمر النخل قبل أن يرطب.
فأنزل الله: {لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا}؛ فلَيسَ على الذين آمَنوا إِثْمٌ فيما طَعِموا وشَرِبوا من الخمرِ قَبلَ تحريمِها.
وفي الحديثِ: فَضلُ أبي طلحةَ والصَّحابةِ رضِي اللهُ عنهم، حيثُ استجابوا لأمْر اللهِ بسُرعةٍ ودونَ سُؤالٍ، وهذا هو الذي يَنبغي للمُسلمِ الحقِّ.
وفيه: بيانُ رحمةِ اللهِ بعِبادِه وأنَّه لا يُحاسِبُ على الفِعلِ قَبلَ إنزالِ الحُكمِ، وأنَّ مَن لم يَعلَمْ لا يُؤاخَذْ بجَهلِه فيما ليس معلومًا بالضرورةِ.