ابدأ بالعفو قبل المعاتبة

قال مورق العجلي رحمه الله-:
هل “سمعتُم بمعاتبةٍ أحسن من هذه؟ بدأ بالعفو قبل المعاتبة؛ فقال تبارك وتعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [سورة التوبة:43]” (أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير 10413).

كيف عايش النبي ﷺ أصحابه وإخوانه؟

قال الله لنبيه ﷺ: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ واسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} آل عمران: 159.
لعل المراد بهذه الرحمة ربطه سبحانه وتعالى على جأشه صلى الله تعالى عليه وسلم، وتخصيصه له بمكارم الأخلاق، وجعل الرفق ولين الجانب مسبباً عن ربط الجأش؛ لأن من ملك نفسه عند الغضب كان كامل الشجاعة. [الألوسي: ٤/١٠٥].

العفو عن الآخرين أقرب للتقوى وأبلغ في الكرم

قال تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40].
قال السعدي: ” وفي جعل أجر العافي على الله ما يهيج على العفو، وأن يعامل العبد الخلق بما يحب أن يعامله الله به، فكما يحب أن يعفو الله عنه، فَلْيَعْفُ عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله، فليسامحهم، فإن الجزاء من جنس العمل” (تفسير السعدي).
و”هذا يدل على أن العفو عن الظَّلَمة أفضل من الانتصار؛ لأنه ضمن الأجر في العفو” [ابن جزي:٢/٣٠٥].

قاعدة قرآنية في التعامل بين المؤمنين

قال الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت /34ـ35]
“فإذا أساء إليك مسيء من الخلق..، فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فَصلْهُ، وإن ظلمك، فاعفُ عنه، وإن تكلم فيك، غائبًا أو حاضرًا، فلا تقابله، بل اعفُ عنه، وعامله بالقول اللين. وإن هجرك، وترك خطابك، فَطيِّبْ له الكلام، وابذل له السلام، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان، حصل فائدة عظيمة” (تفسير السعدي).

هل تسامح الآخرين وتعفو عنهم؟

قال ابن بطَّال -رحمه الله تعالى-: “مدح الله تعالى الذين يغفرون عند الغضب وأثنى عليهم، وأخبر أنَّ ما عنده خيرٌ وأبقى لهم مِن متاع الحياة الدُّنْيا وزينتها، وأثنى على الكاظمين الغيظ والعافين عن النَّاس، وأخبر أنَّه يحبُّهم بإحسانهم في ذلك”. [شرح صحيح البخاري ٩/٢٩٦ ].