هؤلاء يشبهون رسول الله ﷺ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإنَّ المتأمل في كُتُب السِّيَر يجد أنَّ هناك أشخاصًا من الصحابة الكرام كانوا يُشبهون النبيَّ ﷺ في بعض صفاته الخَلْقِيَّة؛ فمُقِلّ ومُسْتَكْثِر، وعُرِفَ ذلك واشتُهِرَ في كتب التاريخ الإسلاميّ، إمَّا بملاحظة الصحابة الكرام، وإمَّا بإقرار النبي ﷺ بذلك. وهذا الشَّبَه كان له آثار عديدة حتى إن المشركين في غزوة أُحُد قتلوا الصحابيَّ الجليل مصعبَ بن عمير -رضي الله عنه-؛ ظنًّا منهم أنه رسول الله ﷺ لشبهِهِ الشديد به، وظنَّ المشركون بذلك أنهم قتلوا رسول الله ﷺ.

في البداية قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: “والذين كانوا يشبهون بالنبي ﷺ غير الحسن والحسين: جعفر بن أبي طالب، وابنه عبد الله بن جعفر، وقثم بن العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ومسلم بن عقيل بن أبي طالب. ومن غير بني هاشم: السائب بن يزيد المطلبي الجد الأعلى للإمام الشافعي، وعبد الله بن عامر بن كريز العبشمي، وكابس بن ربيعة بن عدي، فهؤلاء عشرة” (فتح الباري: 7/97).

ولكننا في هذه الوقفات السريعة نستعرض أبرز هؤلاء الكرام الذين كانوا يشبهون النبي ﷺ.

1. نبيّ الله إبراهيم – عليه السلام

خليل الرحمن، أحد أُولي العزم مِن الرسل، كان يُشبِه سيدنا رسول الله ﷺ وقد ذكر هذا سيدُنا رسولُ الله في حديث الإسراء والمعراج، قال ﷺ عن نفسه: “وَأَنا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْراهِيمَ ﷺ بِهِ” (صحيح البخاري: 3394).

2. جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنه

ابن عمِّ رسول الله، مِن أوائل المسلمين وأفاضِلهم، كان يُلقَّب بأبي المساكين؛ لحبِّه إياهم، هاجَر للحبَشة، وقَدِم على رسول الله إبَّان فتح خيبر، واستُشهِد بموقعة مؤتة سنة 8هـ، وكان يُشبه رسول الله ﷺ بإقراره ﷺ. فعن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: “أما أنت يا جعفرُ فأَشبهْتَ خَلْقي وخُلُقي، وأما أنت يا عليُّ فمني وأنا منك” (أخرجه أبو داود ٢٢٧٨، وصححه الألباني في صحيح الجامع ١٣٤٧).

3. الحسن بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما

ابن بنت رسول الله ﷺ السيدة فاطمة-رضي الله عنها-. عن عقبة بن الحارث -رضي الله عنه- قال: صَلّى أبو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- العَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي، فَرَأى الحَسَنَ يَلْعَبُ مع الصِّبْيانِ، فَحَمَلَهُ على عاتِقِهِ، وقالَ: بأَبِي، شَبِيهٌ بالنبيِّ لا شَبِيهٌ بعَلِيٍّ. وعَلِيٌّ يَضْحَكُ. (صحيح البخاري: ٣٥٤٢).

4. الحُسَين بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما

ابن بنت رسول الله ﷺ السيدة فاطمة -رضي الله عنها-، وكان يُشبِه رسول الله ﷺ وهو ريحانته من الدنيا.

5. مصعب بن عُمير – رضي الله عنه

صحابيّ بدريّ من السابقين إلى الإسلام، ومبعوث النبي ﷺ للدعوة إلى الإسلام في المدينة بعد بيعة العقبة الأولى، مهَّد المدينة لهجرة رسول الله ﷺ، وعَلَّمَ أهلها القرآن، وكان يُشبِه رسول الله ﷺ وفي غزوة أُحُد قتَله ابن قمئة؛ حيث ظنَّ أنه رسول الله لشبهِه الشديد به ﷺ.

6. عبدالله بن جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنهما –

أحد الأجواد المَعدودين، وأحد أكابر رجالات بني هاشم، مَشهور بالجُود والكرم، أمه أسماء بنت عُمَيس الخثعميَّة، وُلِد بالحبشة، وكان يُشبِه رسول الله ﷺ.

7. قُثَم بن العباس بن عبدالمطَّلب – رضي الله عنهما –

ابن عمِّ رسول الله، أدرك الإسلام وهو صغير، ومرَّ به النبي ﷺ وهو يلعب، فحمَله، وَلِيَ المدينة المنوَّرة لعليِّ بن أبي طالب -رضي الله عنهما-، وخرَج إلى سمرقَند في أيام مُعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-، فاستُشهِد بها، وكان يُشبه رسول الله ﷺ.

8. مسلم بن عقيل بن أبي طالب – رضي الله عنه

قال البخاري -رحمه الله-: قال لي يحيى بن موسى: عن يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن راشد، عن عمرو بن شعيب، قال: أخبرني من سمع أبا هريرة يقول: ما رأيت من ولد عبد المطلب أشبه بالنبي ﷺ من مسلم بن عقيل. [البخاري في التاريخ الكبير: 7/266].

9. أبو سفيان بن الحارث – رضي الله عنه

ابن عمِّ رسول الله، وأخوه مِن الرضاعة، وكان ممَّن يؤذي الرسول ﷺ بالشِّعر ويَهجوه ويؤذي المسلمين، أسلم يوم الفتح، وشَهد حُنَينًا وأبلى فيها بلاءً حسنًا، وكان ممن ثبَت مع رسول الله يومَها، وكان يُشبِه رسول الله ﷺ وكان مُحبَّبًا إلى رسول الله ﷺ.

10. عبدالله بن نوفل بن الحارث – رضي الله عنه

كان قرشيًّا هاشميًّا، وكان جميلاً، وكان يُشبِه النبي ﷺ وهو أول مَن وَلِيَ القَضاء بالمدينة في خلافة معاوية -رضي الله عنه-. [الأعلاق النفيسة ص: 201].

11. مُسلِم بن مُعتِّب بن أبي لهب

كان قرشيًّا هاشميًّا، كان يُشبِه الرسول ﷺ. وكان جميلاً وقد شهد وقعة حنين مع النبي ﷺ. [أنساب الأشراف: 4/309].

12. السائب بن عُبيد بن عبد يَزيد – رضي الله عنه

هو جدُّ الإمام الشافعي محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب، وكان يُشبه رسول الله ﷺ وأُسِرَ يوم بدر. [المنتخب من ذيل المذيل: 118].

13. كابِس بن رَبيعة بن مالك – رحمه الله

مِن بني سامة بن لؤي بن غالب بن فهْر القُرَشي، وهو بَصريّ، كان أنس بن مالك -رضي الله عنه- إذا رَآه بكى. ويُروى أن أهل بلده كتبوا إلى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-: “إن الناس قد فُتِنُوا برجل يُشبه رسول الله ﷺ”، فكتب معاوية إلى عامله عليها، وهو عبدالله بن عامر بن كُريز أن يُوفده إليه، فأوفد كابسًا، فلما دخل إلى معاوية نزَل عن كرسيه، ومشى إليه حتى قبَّل بين عينَيه، وأقطَعه المرغاب؛ إكرامًا له لشبهِه برسول الله ﷺ. [تاريخ دمشق لابن عساكر ٥٠/‏٣].

14. عليُّ بن نِجاد اليَشكُري – رحمه الله

مِن بني بكر بن وائل، مِن رواة الحديث الشريف، وكان يُشبه النبي ﷺ.

15. يحيى الشَّبيه – رحمه الله

هو يحيى بن القاسم بن محمد الديباج بن جعفر الصادِق بن محمد الباقِر بن علي زين العابِدين بن الحُسَين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي الحُسَيني، مِن آل بيت النبوة -رضي الله عنهم- لُقِّب السيد يحيى بالشبيه؛ لأنه كان يُشبِه جدَّه رسول الله ﷺ ويُلقَّب أحفادُه اليوم ببني الشبيه أو الشبيهيِّين.

16. المهدي خليفة آخِر الزمان

هو محمَّد بن عبدالله القرشي الهاشمي الحسَني، الملقَّب بالمهدي، خليفة آخِر الزمان، وهو يُشبِه رسول الله ﷺ فعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال – وأشار إلى ولده الحسن بن علي -: “إن ابني هذا سيد -كما سماه النبي ﷺ- وسيخرج مِن صُلبِه رجل يُسمَّى باسم نبيِّكم، يُشبِهه في الخُلُق، ولا يُشبِهه في الخَلْق، يملأ الأرض عدلاً”(أخرجه أبو داود في سننِه: ٤٢٩٠‏، وفي سنده مقال).

وقد نفى بعضُ العُلماء أن يكون المهديُّ شبيهًا لرسول الله؛ لقولهم: إن الحديث السابق يقول: إنه يُشبِهه في الخُلُق -بضم الخاء واللام- ولا يُشبِهه في الخَلْق بفتح الخاء؛ أي: إنه يُشبهه في السيرة، ولا يُشبِهه في الصورة، إلا أن هناك أحاديث أخرى تَذكُر صفات وملامح المهدي، وهي مُتطابِقة مع ملامح ووصف رسول الله ﷺ، مثل أنه أجلى الجبهة، وأقنى الأنف.

والله تعالى أعلم، وصلّ اللهم وسَلِّم وبارك على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

للمزيد ينظر المصادر التالية

  • “معرفة الصحابة”؛ لأبي نعيم (2/ 662).
  • “تاريخ الإسلام”؛ للذهبي ط/ التوفيقية (10/ 203).
  • “الإصابة في تمييز الصحابة” (7/ 151).
  • “دلائل النبوة”؛ للبيهقي (1/ 203).
  • “السيرة النبوية”؛ للدكتور الصلابي (1/ 710).
  • “التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة”؛ للسخاوي (1/ 281).
  • “جمهرة أنساب العرب”؛ لابن الكلبي (1/ 28).
  • “زاد المعاد في هدي خير العباد” (3/ 299).
  • “الاحتجاج بالأثر على مَن أنكر المهدي المُنتظَر”؛ لحمود التويجري (1/ 71).
  • مقال بعنوان: “المشبهون بالرسول على مر العصور“، أحمد عبدالنبي فرغل الدعباسي.