من أنواع الكفر الأكبر: كفر الشك

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]من أنواع الكفر الأكبر كفر الشك. كفر الشك: هو التردد، وعدم الجزم بصدق الرسل، ويقال له كفر الظن، وهو ضد الجزم واليقين. والدليل قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} (الكهف: 35- 38). ولو تأمل هذا الشّاكّ في آيات صدق الرسول لأزالت عن بصيرته كل شك وشبهة.[/box]

الشرح والإيضاح

وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35).
وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ.
أي: ودخل الرَّجُلُ بُستانَه والحالُ أنَّه ظالمٌ لِنَفسِه بالكُفرِ باللهِ وتَكبُّرِه وتجَبُّرِه، وإنكارِه البَعثَ يومَ القيامةِ .
قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا.
أي: قال: ما أظُنُّ أن تفنى وتضمَحِلَّ جنَّتي هذه أبدًا !
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36).
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً.
أي: وما أظُنُّ القِيامةَ كائِنةً؛ فلا يُوجَدُ بَعثٌ ولا حِسابٌ ولا جَزاءٌ !
وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا .
أي: ولو قُدِّرَ وافتُرِضَ أنَّني رُجِعْتُ إلى ربِّي فبعَثَني بعد موتي، لَأُعطَيَنَّ في الآخرةِ جَنَّةً خَيرًا مِن هذه الجنَّةِ التي أعطانيها في الدُّنيا؛ لأنَّه لم يُعطِني هذه إلَّا لأني أستحِقُّها ولي عنده حُظوةٌ ومكانةٌ، فكذلك يكون حالي في الآخرةِ على تقديرِ وُجودِها !
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37).
أي: قال له صاحِبُه المؤمِنُ وهو يخاطِبُه ويكَلِّمُه: أكفَرْتَ باللهِ الذي خلقَ أصلَك آدَمَ مِن تُرابٍ، ثمَّ أنشأك مِن مَنِيٍّ، ثمَّ عَدَلَك وكَمَّلَك، فصَيَّرك رجُلًا سَوِيًّا مُعتَدِلَ القامةِ والخِلْقةِ، صحيحَ الأعضاءِ؟! فالذي خلَقَك كذلك قادِرٌ على البَعثِ الذي أنت تُنكِرُه !
كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ [الحج: 5].
وقال سُبحانَه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [الروم: 20].
وقال عزَّ وجلَّ: وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [السجدة: 7-8].
وقال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون: 12 – 14].
وقال عزَّ وجلَّ: الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ [الانفطار: 7، 8].
وقال تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [التين: 4].
لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38).
أي: لكِنْ أنا لا أكفُرُ ولا أقولُ مِثلَ قَولِك، بل أقولُ: الذي يستَحِقُّ العبادةَ وَحدَه، هو الله ربِّي، ولا أعبُدُ أحدًا غَيرَه .
مصدر الشرح:
https://dorar.net/tafseer/18/11