من أسباب حفظ الله للعبد

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول:” من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامّات من شر ما خلق، لم يَضُرّه شيء حتى يرتحل من منزله ذلك” (رواه مسلم ٢٦٣٥). قال القرطبي رحمه الله: “هذا خبرٌ صحيح، وقولٌ صادق، علِمنا صدقه دليلاً وتجربة، فإني منذ سمعتُ هذا الخبر عملتُ عليه، فلم يضرّني شيءٌ إلى أن تركتُه، فلدغتني عقرب بالمهديّة ليلاً، فتفكّرتُ في نفسي، فإذا بي قد نسيتُ أن أتعوّذ بتلك الكلمات، فقلت لنفسي- ذامًّا لها وموبِّخًا- ما قاله ﷺ للرجل الملدوغ: “أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامّات من شر ما خلق لم تضرك”.ا.هـ (المفهم شرح صحيح مسلم ٧ / ٣٦).[/box]

الشرح والإيضاح

جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، ما لَقِيتُ مِن عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البَارِحَةَ، قالَ: أَما لو قُلْتَ، حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ، لَمْ تَضُرَّكَ.

في هذا الحديث: أنَّ رجُلًا جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقالَ: (يا رَسولَ اللهِ، ما لَقِيتُ مِن عَقربٍ لَدَغتْنِي البارِحَةَ)، أَيَّ شَيءٍ لَقِيتُ؟! فالمعنى: لَقيتُ شِدَّةً عَظيمةً مِن عَقربٍ لَدَغَتْني البَارحَةَ)، أي: اللَّيلةَ الماضِيَةَ، فقال لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أمَا لو قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعوذُ بِكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ، أي: الكامِلاتِ؛ لأنَّه لا يَجوزُ أنْ يَكونَ في شيءٍ مِن كلامِهِ نَقصٌ، أو عَيبٌ كما يَكونُ في كَلامِ النَّاسِ، (مِن شَرِّ ما خَلَقَ)، أي: مِن شرِّ جَميعِ المخْلُوقاتِ، أي: لَوْ قُلْتَ هَذا التَّعوُّذَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، (لم تَضُرُّك) العَقربُ .

في هَذَا الحديثِ: يُبَيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يَقولُه المسلمُ مِنَ الذِّكْرِ إذا كان مُسافرًا ونَزلَ مَنزلًا، وهو: (اللَّهمَّ إنِّي أَعوذُ)، أي: أَعتَصِمُ (بِكلِماتِ اللهِ التَّامَّاتِ)، أي: بكلماتِ اللهِ الكامِلَةِ الَّتي لا يَدخُلُها نَقصٌ ولا عَيبٌ كَما يَدخُلُ كَلامَ البَشَرِ، النافعاتُ الشَّافيات، وكلمات الله؛ قيل: وكلماتُ اللهِ هي أسماؤُه وصِفاتُه، وقيل: هي القرآنُ. (مِن شَرِّ ما خَلَق) أي: مِن شرِّ جَميعِ المخْلُوقاتِ، ثُمَّ أَردَفَ نَتيجَةً لِمَنْ يَقولُ تِلك الكَلماتِ وهِيَ (لم يَضُرَّه شَيءٌ)، أي: مِنَ المَخلوقاتِ حَيثُ تَعَوَّذَ بِالخالِقِ، حتَّى يَرتَحِلَ ويَنتَقِلَ مِن مَنزِلِه ذلك، فتَعَوُّذُه يَتناولُ مُدَّةَ مَقامِه فيهِ.
وفي هذا الحديث: تأكيدٌ على أنَّ الذي يَعصِم مِن كلِّ شَرٍّ هو الله وحْدَه، وأنَّ غيرَ اللهِ تعالى لا يَملِك لنَفْسِه ولا لغَيرِه نَفعًا ولا ضرًّا.
وفيه: إبطالٌ وردٌّ لِمَا كان يَفعلُه أهلُ الجاهلية؛ حيثُ كانوا إذا نزَلُوا منزلًا قالوا: نعوذُ بسيِّدِ هذا الوادي، يَقصِدون به: كبيرَ الجنِّ.

مصادر الشرح:

https://dorar.net/hadith/sharh/20385

https://dorar.net/hadith/sharh/20520