لا تتوجه بالدعاء إلا إلى الله وحده

لا تتوجه بالدعاء إلا إلى الله وحده، فهو الذي خلق السماوات والأرض.
{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79]
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 13- 14].

الشرح والإيضاح

(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ).
أي: إنِّي قدْ أخلصْتُ قَصْدي، وأفرَدْتُ عِبادتي لِمَن يَستحِقُّ ذلك، وهو اللهُ تعالى؛ لأنَّه الذي أَبْدَع خَلْقَ السَّمواتِ والأرضِ، على غير مثالٍ سَبَقَ؛ فهو القادِرُ وحْده على أن يُنْشِئَ الخَلْقَ من العَدَم إلى الوجودِ.
(حَنِيفًا).
أي: مائلًا عن الشِّرْك، مستقيمًا على التَّوحيدِ، مُقبلًا على الله تعالى، مُعْرِضًا عمَّا سِواه.
(وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
أي: ولسْتُ ممَّن يَدينُ بِدِينِكم، ويتَّبِعُ مِلَّتَكم- أيُّها المشركونَ- ولستُ أُشِركُ بربِّي شَيئًا.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/6/20

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).
أي: إذا سأَلك المؤمنون عن قُرْبي يا محمَّدُ، فأنا قريبٌ منهم، وأستجيبُ لدعاءِ مَن دعاني منهم، سواءٌ كان دعاءَ عبادةٍ فأُثيبهم عليها، أو دعاءَ مسألةٍ فأُعطيهم ما طلبوا .
(فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
أي: فلينقادوا لي، ممتثِلين أوامري، ومجتَنِبين نواهيَّ، وليؤمنوا بأنِّي أُثيبهم على انقيادِهم لي، وأُجِيب دعاءَهم وتضرُّعَهم لي، من أجل إصابةَ الحقِّ بذلك، والتَّوفيقَ للعِلم النَّافع والعملِ الصالح.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/2/32

﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ﴾ أي: الذي انفرد بخلق هذه المذكورات وتسخيرها، هو الرب المألوه المعبود، الذي له الملك كله.
﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ من الأوثان والأصنام ﴿مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ أي: لا يملكون شيئا، لا قليلا ولا كثيرا، حتى ولا القطمير الذي هو أحقر الأشياء، وهذا من تنصيص النفي وعمومه، فكيف يُدْعَوْنَ، وهم غير مالكين لشيء من ملك السماوات والأرض؟
ومع هذا ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ﴾ لا يسمعوكم لأنهم ما بين جماد وأموات وملائكة مشغولين بطاعة ربهم.
﴿وَلَوْ سَمِعُوا﴾ على وجه الفرض والتقدير ﴿مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ لأنهم لا يملكون شيئا، ولا يرضى أكثرهم بعبادة من عبده، ولهذا قال: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ أي: يتبرأون منكم، ويقولون: ﴿سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾
﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ أي: لا أحد ينبئك، أصدق من الله العليم الخبير، فاجزم بأن هذا الأمر، الذي نبأ به كأنه رَأْيُ عين، فلا تشك فيه ولا تمتر. فتضمنت هذه الآيات، الأدلة والبراهين الساطعة، الدالة على أنه تعالى المألوه المعبود، الذي لا يستحق شيئا من العبادة سواه، وأن عبادة ما سواه باطلة متعلقة بباطل، لا تفيد عابده شيئا.
المصدر:
https://tafsir.app/saadi/35/14

تحميل التصميم