قصة خطبة مروان قبل صلاة العيد و‏مراتب إنكار المنكر

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قال: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَقَالَ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ. (صحيح مسلم 49)[/box]

الشرح والإيضاح

جعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ هذهِ الأمَّةَ خيرَ أُمَّةٍ وشرَّفها وفضَّلها على سائرِ الأُممِ؛ لأنَّها تأمرُ بالمعروفِ وتَنهى عنِ المنكرِ وتدعو إلى الخيرِ، وتَنصحُ برِفقٍ، فإِذا ما توافَرتْ هذهِ الخِصالُ بحقٍّ في المجتمعِ تحوَّل إلى مُجمتعٍ فاضلٍ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ طارقُ بنُ شِهابٍ: “أوَّلُ مَن بدأَ بالخُطبةِ”، أي: قدَّمَ الخُطبةَ، “يومَ العيدِ قبلَ الصَّلاةِ”، أي: قبلَ صلاةِ العيدِ، “مَرْوانُ” وهوَ ابنُ الحكَمِ وكانَ واليًا على المدينةِ “فقَامَ إليهِ رجلٌ”، أي: رجلٌ مِن الحاضرينَ، “فقالَ: الصَّلاةُ قبلَ الخُطبةِ!”، أي: مُنكِرًا عليهِ الخُطبةَ قبلَ الصَّلاةِ؛ لأنَّ الأصلَ البَدءُ بالصلاةِ، ثمَّ خُطبةُ العيدِ بعدَها، “فقالَ مَرْوانُ مُعتذِرًا عن ذلكَ: “قدْ تُرِكَ ما هنالِكَ”، أي: تَركَ الناسُ استِماعَ الخُطبةِ إذا أخَّرناها عنِ الصَّلاةِ لاستِعجالِهم، “فقالَ أبو سَعيدٍ” الخُدْريُّ لِمَن حولَهُ: “أمَّا هذا فقدْ قَضى ما عليه”، أي: إنَّ هذا الرَّجُلَ الناهي لمرْوانَ قد أدَّى ما وجَبَ عليهِ مِن النَّهيِ عنِ المنكرِ، ثمَّ قالَ أبو سعيدٍ: “سمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ: مَن رَأى مِنكمْ”، أي: عَلِمَ وعرَفَ مِنكم أيُّها الأُمَّة، “مُنكرًا”، أي: أمرًا أنكَرهُ الشَّرعُ، “فليُغيِّرهُ”، أي: فليُزِلْ ذلك المنكرَ إنْ قدَرَ على إزالتِهِ، “بِيدِهِ” إنْ كانَ له قوَّةٌ وسُلطةٌ ويَحتاجُ إلى إزالتِها باليدِ ككَسرِ أواني الخَمرِ وآلاتِ الملاهي، “فإنْ لم يَستطِعْ” بيدِهِ “فبِلسانِهِ”، أي: فليُزِل المنكَرَ بلِسانهِ، وذلكَ بالوَعظِ والتَّذكيرِ، “فإنْ لم يَستطِعْ”، أي: إنْ لم يَستطِع تَغييرَ المنكرِ بالقولِ واللِّسانِ، “فَبقلْبِه”، أي: فلْيُنكِرْه وليَكْرهْهُ بقلْبِه ويَعزِم أنَّه لو قدرَ على إزالتِهِ لفَعل، “وذلكَ” التَّغييرُ بالقلبِ، “أضعفُ الإيمانِ”، أي: أدْنى خِصالِ الإيمانِ في إزالةِ المنكرِ.
وفي الحديثِ: الأمرُ بالتَّدرُّجِ في الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكرِ كلٌّ بحسَبِ استطاعتِه وقُدراتِه.
وفيه: مَشروعيَّةُ الإنكارِ على وُلاةِ الأُمورِ إذا لم تحدُث مَضرَّةٌ وكانوا يَقبلونَ النَّصيحةَ في العلنِ.

مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/23607