سعة علم الله تبارك وتعالى

قال تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) البقرة: 255.
﴿يعلم ما بين أيديهم﴾ أي: ما مضى من جميع الأمور ﴿وما خلفهم﴾ أي: ما يُستقبل منها، فعِلْمه تعالى محيطٌ بتفاصيل الأمور..، والعباد ليس لهم من الأمر شيء، ولا من العلم مثقال ذرة إلا ما علَّمهم تعالى، ولهذا قال: ﴿ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء).

تفسير السعدي: ص110.

الشرح والإيضاح

(اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ). أي: لا أحدَ معبودٌ بحقٍّ سوى الله تعالى؛ فهو وحده المستحِقُّ للعبادة حبًّا وتعظيمًا له تعالى؛ لكمال صفاته. (الْحَيُّ الْقَيُّومُ). أي: إنَّ الله تبارك وتعالى هو الذي له الحياة الكاملة، التي لم يَسبِقها عَدَمٌ، ولا يَلحَقها زَوال، المُستلزِمة لجميع صِفاتِ الكمال، وهو أيضًا القائم بنفسه؛ فلا يحتاج لأحد، القائمُ بأمور غيره من خَلْقه من الرِّزق وغيره؛ فكلُّ الموجودات إليه مُفتَقِرة، ولا قِوام لها بدونه، وهذه القَيُّوميَّة مُستلزِمةٌ لجميع أفعال الكمال. (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ). أي: ومِن كمال حياته وقيُّوميَّته أنَّه لا يَعتريه سبحانه نُعاسٌ، ولا يَغلِبه نومٌ. (لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ). أي: إنَّه يَملِك وحده جميعَ ما في الكون بغير نِدٍّ ولا شريك، والجميعُ عبيده ومملوكون له؛ فلا تنبغي العبادةُ لغيره سبحانه. (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ). أي: لا أحدَ يتجاسَر على القيام بالشَّفاعة عند الله تعالى إلَّا بعد إذنه جلَّ وعلا. (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ). أي: إنَّ الله تعالى يعلم ما بين أيدي خلقه من الأمور الماضية، ويعلم أيضًا ما خلفهم من الأمور المستقبلة. (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ). أي: إنَّ سائر من دونه سبحانه لا يعلمون من علم الله تعالى شيئًا البتَّةَ، فلا يعلمون ما بين أيديهم ولا ما خلفهم ولا غير ذلك، إلَّا ما علَّمهم الله تعالى بمشيئته. المصدر: https://dorar.net/tafseer/2/43

تحميل التصميم