دُعاء النَّبيِّ ﷺ كان فيه طلبُ الخير في الدُّنيا والآخِرة

سَأَلَ قَتادَةُ أَنَس بن مالك رضي الله عنه: أَيُّ دَعْوَةٍ كانَ يَدْعُو بها النبيُّ ﷺ أَكْثَرَ؟
قالَ: “كانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بها يقولُ: اللَّهُمَّ آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ”.
قالَ: وَكانَ أَنَسٌ إذا أَرادَ أَنْ يَدْعُوَ بدَعْوَةٍ دَعا بها” (صحيح مسلم ٢٦٩٠)

الشرح والإيضاح

الدُّعاءُ هو رُوحُ العِبادةِ، وفيه يَخضَع المرءُ لربِّه ويَخشَع له؛ فإنَّه يَطلُب ما أرادَ مِن القادرِ المُجيب، وهو في ذلك قد علِم أنَّ له ربًّا يَدْعوه فيُجيبه، وقد كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كثيرَ التَّضرُّع إلى الله بالدُّعاءِ والاستغفارِ.
وفي هذا الحديث أنَّ قَتادةَ سألَ أنسًا رضِي اللهُ عنه: “أيُّ دَعوةٍ كان يَدْعو بها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَكْثر؟”، وهذا سؤالٌ عن الدَّعوةِ الجامعةِ التي كان يُواظِب عليها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو من بابِ الحِرص على معرفةِ هَدْي النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: “كان أكْثرَ دَعوةٍ يدعو بها، يقول: اللَّهمَّ آتِنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً”، واختلَف العلماءُ في شَرْح هذا المعنى؛ فمِنهم مَن قال: الحَسَنةُ في الدُّنيا: هي العِلمُ والعبادةُ، وفي الآخِرة: الجَنَّة، ومِنهم مَن قال: والحسنةُ في الدُّنيا والآخرةُ: هي العافية فيهما، أو في الدُّنيا: المالُ، وفي الآخرةِ: الجَنَّة، ومنهم مَن قال: حسنةُ الدُّنيا هي الزَّوجة الصَّالحة.
قوله: “وقِنا عذابَ النَّار”، أي: ونَجِّنا واحْمِنا من عذابِ النَّار، وهذا من جوامعِ الدُّعاء النَّبويِّ، الذي يَنْبغي على كلِّ مُسلمٍ تعلُّمُه والدُّعاءُ به؛ فقد جَمَع خيرَي الدُّنيا والآخرةِ؛ ولذلك كان أنسٌ إذا أراد أنْ يَدْعوَ بدعوةٍ واحدةٍ دعا بها، فإذا أرادَ أنْ يدعوَ بدعاء كثيرٍ ومُتعدِّد، دعا بها فيه، وجَعَلها مِن جُمْلةِ ما يَدْعو به.
وفي الحديث: بيانُ أنَّ دُعاء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان فيه طلبُ الخير في الدُّنيا والآخِرة، وأنَّه كان بجَوامِع الكَلِم.
وفيه: بيانُ اهتِمام التَّابعين بالسُّؤال عن هَدْي النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ودُعائه.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/23074

تحميل التصميم