حفظ الله لنبيه وعفو النبي ﷺ وحلمه

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «غزونا مع رسول الله ﷺ غَزَاة قِبَلَ نَجْد. فأَدركنا رسولُ الله ﷺ في القائلة في وادٍ كثير العِضَاهِ. فنزل رسولُ الله ﷺ تحت شجرة فَعلّق سيفه بِغُصْن مِنْ أغصانها. وتفرّق الناس في الوادي يستظلون بالشجر. فقال رسولُ الله ﷺ: إِنَّ رجلا أتاني وأنا نائم. فأخذ السيف فاستيقظت. وهو قائم على رأسي. والسيف صَلْتا في يده. فقال: مَن يَمْنَعُكَ مني؟ قلت: الله. فشامَ السيفَ. فها هو ذا جالِس. ثم لم يعرِض له رسول الله ﷺ. وكان مَلِكَ قومه فانصرَفَ حين عفا عنه. فقال: لا أكون في قوم هُمْ حَرْب لك» (صحيح مسلم 843 مختصرًا، والحاكم في المستدرك 4322 مطولاً، وصححه ووافقه الذهبي). العضاه : الشجر. سيف صلت: إذا كان خارجًا من غمده. شمت السيف: إذا أغمدته. [/box]

الشرح و الإيضاح

يَحكِي جَابِرُ بنُ عَبْدِ الله رضِي اللهُ عنهما، فيقول: كُنَّا مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بذَاتِ الرِّقَاعِ، وسُمِّيَتْ بذلك لأنَّ الظَّهْرَ كان قَليلًا، وقد نَقِبَتْ أَقدامُ المسلِمين، أي: تَقرَّحَتْ ووَرِمَتْ من الحَفاءِ، فلَفُّوا عليها الخِرَقَ، وهي الرِّقَاع. قال جَابِرٌ: فإذا أَتَيْنا على شَجرةٍ ظَلِيلةٍ- أي ذاتِ ظِلٍّ- تَرَكْناها للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لِيَنْزِلَ تحتَها ويَستظِلَّ بها، فنَزَل تحتَ شَجرةٍ، فجاء رجلٌ مِن المشرِكين وسَيْفُه صلَّى الله عليه وسلَّم مُعلَّقٌ بالشَّجرةِ وهو نائِمٌ، فاخْتَرَطَه- أي سَلَّه- فقال: تَخَافُنِي؟ فأجابه صلَّى الله عليه وسلَّم: لا. قال: فمَن يَمْنَعُك منِّي؟ فأجابه: اللهُ يَمْنَعُنِي منك. فتَهدَّدَه أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وظاهرُ ذلك يُشعِر بأنَّهم حَضَروا القِصَّةَ وأنَّه إنَّما رَجَع عمَّا كان عَزَم عليه بالتهديدِ، وليس كذلك، بل وَقَع في رِواية إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعْدٍ في الجهاد بعدَ قولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «قلتُ: اللهُ. فشَامَ السَّيْفَ»، وفي روايةِ مَعْمَرٍ: «فشَامَهُ»، والمرادُ: أَغْمَده، وأُقِيمتِ الصلاةُ، فصلَّى بطائفةٍ ركعتَيْن ثُمَّ سلَّم وسلَّموا، ثُمَّ تأخَّروا إلى جِهةِ العَدُوِّ، وصلَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُتَنفِّلًا بالطائفةِ الأُخرَى التي كانتْ في جِهةِ العَدُوِّ ركعتَيْن، ثُمَّ سلَّم وسلَّموا، وكانت للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَرْبَعٌ فَرْضًا ونَفْلًا، وللقومِ ركعتَيْن فرضًا.
وقال أبو الزُّبَيْرِ- أحدُ الرُّوَاةِ- عن جَابِرٍ: كُنَّا مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِنَخْلٍ فصلَّى صلاةَ الخوفِ.
ويَحكِي أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه فيقول: صلَّيتُ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة نَجْدٍ صلاةَ الخوفِ. وإنَّما جاء أبو هُرَيرة رضِي اللهُ عنه إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أيَّامَ خَيْبَرَ، فدَلَّ على أنَّ غزوةَ ذاتِ الرِّقَاعِ بعدَ خَيْبَرَ، وتُعُقِّبَ بأنَّه لا يَلْزَمُ مِن كونِ الغزوةِ من جِهةِ نَجْدٍ ألَّا تَتعدَّدَ؛ فإنَّ نَجْدًا وَقَع القصدُ إلى جِهَتِها في عِدَّةِ غزواتٍ، فيُحتَمل أن يكونَ أبو هُرَيرة رضِي اللهُ عنه حَضَر التي بعدَ خَيْبَرَ لا التي قبلَها.
في الحديث: توقيرُ الصَّحابةِ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأَدبُهم معه.
وفيه: معجزةٌ ظاهرةٌ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفيه: صِفةُ صلاةِ الخوفِ..
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/4679