تعفف فالغني غنى النفس أولا

تعفَّف عما في أيدي الناس تكن أغناهم، فالغِنَى غِنَى النفس أولاً.
{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 273].

الشرح والإيضاح

(يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا).
أي: يَحسَبهم الجاهلُ بأمرهم وحالهم ممَّن لا فِطْنة لديه، أغنياء من شدَّة تَرْكهم التَّعرض لما في أيدي الناس، وكِتمانهم حاجتهم صبرًا منهم على البأساء والضَّراء، لكن بإمكان ذوي الألباب تمييزُهم بالتَّوسُّم والتَّفرُّس فيهم، وعلى رأسهم محمد صلَّى الله عليه وسلَّمَ، فيعلمون حقيقةَ حالهم من خلال علاماتهم، وآثار الحاجة البادية عليهم، من ملامِح وجوههم، أو نظراتهم، أو بعض عباراتهم، أو غير ذلك.
ونفَى اللهُ تعالى عنهم بالكلِّيَّة طلبَ حاجةٍ من الناس، وخاصَّةً الطلب المُصاحِب للشَّرَهِ والضَّراعة التي تكون في المُلحِّين، فهم بعيدون عن ذلك تمامًا؛ لأنهم يَستَمِدُّون العَونَ من الله تعالى وحده.
فهذا الصِّنف من الفقراء هو أَوْلى المستحِقِّين للصَّدقة؛ لدَفْع حاجتهم، وإعانتهم على مَقصِدهم، وشكرًا لهم على ما اتَّصفوا به من جميل الأخلاق، وقصْر أنظارِهم على الخلَّاق .
(وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ).
أي: إنَّ كلَّ ما تُنفِقونه من أيِّ خيرٍ كان قليلًا أو كثيرًا، فإنَّ الله تعالى يعلمه، ويُحصيه لكم، وسيَجزيكم عليه أتمَّ الجزاء.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/2/46

تحميل التصميم