القرآن يقرر أنه لا يستوي المؤمن والفاسق

نعمة الإيمان من أجلّ النعم، فاطلب من الله سبحانه أن يُحبِّب إليك الإيمان ويزيّنه في قلبك.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: 7].
{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 18- 19].
{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الزمر: 22].

الشرح والإيضاح

﴿وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ فِیكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ یُطِیعُكُمۡ فِی كَثِیرࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَیۡكُمُ ٱلۡإِیمَـٰنَ وَزَیَّنَهُۥ فِی قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَیۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡیَانَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلرَّ ٰ⁠شِدُونَ﴾ [الحجرات ٧]
أي: ليكن لديكم معلومًا أن رسول الله ﷺ، بين أظهركم، وهو الرسول الكريم، البار، الراشد، الذي يريد بكم الخير وينصح لكم، وتريدون لأنفسكم من الشر والمضرة، ما لا يوافقكم الرسول عليه، ولو يطيعكم في كثير من الأمر لشق عليكم وأعنتكم، ولكن الرسول يرشدكم، والله تعالى يحبب إليكم الإيمان، ويزينه في قلوبكم، بما أودع الله في قلوبكم من محبة الحق وإيثاره، وبما ينصب على الحق من الشواهد، والأدلة الدالة على صحته، وقبول القلوب والفطر له، وبما يفعله تعالى بكم، من توفيقه للإنابة إليه، ويكره إليكم الكفر والفسوق، أي: الذنوب الكبار، والعصيان: هي ما دون ذلك من الذنوب بما أودع في قلوبكم من كراهة الشر، وعدم إرادة فعله، وبما نصبه من الأدلة والشواهد على فساده، وعدم قبول الفطر له، وبما يجعله الله من الكراهة في القلوب له
﴿أُولَئِكَ﴾ أي: الذين زين الله الإيمان في قلوبهم، وحببه إليهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان ﴿هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ أي: الذين صلحت علومهم وأعمالهم، واستقاموا على الدين القويم، والصراط المستقيم.
وضدهم الغاوون، الذين حبب إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وكره إليهم الإيمان، والذنب ذنبهم، فإنهم لما فسقوا طبع الله على قلوبهم، ولما ﴿زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ ولما لم يؤمنوا بالحق لما جاءهم أول مرة، قلب الله أفئدتهم.
المصدر:
https://tafsir.app/saadi/49/7

(أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا).
أي: أفمَن كان مُؤمِنًا بآياتِ اللهِ متَّبِعًا لرُسُلِه، فهو مُؤمِنٌ بوَعدِه ووَعيدِه، طائعٌ له في أمْرِه ونَهْيِه: أيَكونُ في حُكمِ اللهِ كمَن كان كافِرًا مُكَذِّبًا، خارِجًا عن دائرةِ الإيمانِ وطاعةِ الرَّحمنِ؟!
(لَا يَسْتَوُونَ).
أي: لا يَستوي المؤمِنونَ والفاسِقونَ عندَ اللهِ يومَ القيامةِ؛ فلِكُلٍّ جزاءٌ مُختَلِفٌ بحَسَبِ ما قدَّموه.
(أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى).
أي: أمَّا الَّذين آمَنوا بما وجَبَ عليهم الإيمانُ به، وعَمِلوا الأعمالَ الصَّالِحةَ بإخلاصٍ للهِ تعالى ومُتابعةٍ لِشَرعِه: فلَهُم في الآخِرةِ جَنَّاتٌ يَأوُونَ إليها، فهم فيها مُقيمونَ، ومنها لا يَخرُجونَ.
(نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
أي: ضِيافةً كريمةً مُهَيَّأةً لهم؛ بسَبَبِ ما كانوا يَعمَلونَ في الدُّنيا مِنَ الإيمانِ باللهِ تعالى وطاعتِه.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/32/5

﴿أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورࣲ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَیۡلࣱ لِّلۡقَـٰسِیَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینٍ﴾ [الزمر ٢٢]
أي: أفيستوي من شرح اللّه صدره للإسلام، فاتسع لتلقي أحكام اللّه والعمل بها، منشرحا قرير العين، على بصيرة من أمره، وهو المراد بقوله: ﴿فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ كمن ليس كذلك، بدليل قوله: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي: لا تلين لكتابه، ولا تتذكر آياته، ولا تطمئن بذكره، بل هي معرضة عن ربها، ملتفتة إلى غيره، فهؤلاء لهم الويل الشديد، والشر الكبير.
﴿أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ وأي ضلال أعظم من ضلال من أعرض عن وليه؟ ومن كل السعادة في الإقبال عليه، وقسا قلبه عن ذكره، وأقبل على كل ما يضره؟”
المصدر:
https://tafsir.app/saadi/39/22

تحميل التصميم