القرآن يعلمنا مراعاة الألفاظ طلبا لسلامة الصدور

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [سورة ص:23] لكنَّ هذا البغي لم تذهب معه الأخوة، كما أن التعبير هنا خرج مهذبًا لطيفًا فقال: (خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ)[ص:22]، وكان بوسعه أن يقول بغى عليَّ، ولكنها مراعاة الألفاظ والحرص على تحسينها طلبًا لسلامة الصدر. (الشيخ ابن عثيمين: تفسير سورة (ص) ص١١٦).[/box]

الشرح و الإيضاح

﴿إِذۡ دَخَلُوا۟ عَلَىٰ دَاوُۥدَ فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُوا۟ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضࣲ فَٱحۡكُم بَیۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَاۤ إِلَىٰ سَوَاۤءِ ٱلصِّرَ ٰ⁠طِ﴾ [ص ٢٢]
ولم يدخلوا عليه مع باب، فلذلك لما دخلوا عليه بهذه الصورة، فزع منهم وخاف، فقالوا له: نحن ﴿خَصْمَانِ﴾ فلا تخف ﴿بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ﴾ بالظلم ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ﴾ أي: بالعدل، ولا تمل مع أحدنا ﴿وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾
والمقصود من هذا، أن الخصمين قد عرف أن قصدهما الحق الواضح الصرف، وإذا كان ذلك، فسيقصان عليه نبأهما بالحق، فلم يشمئز نبي اللّه داود من وعظهما له، ولم يؤنبهما.
﴿إِنَّ هَـٰذَاۤ أَخِی لَهُۥ تِسۡعࣱ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةࣰ وَلِیَ نَعۡجَةࣱ وَ ٰ⁠حِدَةࣱ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِیهَا وَعَزَّنِی فِی ٱلۡخِطَابِ﴾ [ص ٢٣]
فقال أحدهما: ﴿إِنَّ هَذَا أَخِي﴾ نص على الأخوة في الدين أو النسب أو الصداقة، لاقتضائها عدم البغي، وأن بغيه الصادر منه أعظم من غيره.
﴿لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً﴾ أي: زوجة، وذلك خير كثير، يوجب عليه القناعة بما آتاه اللّه.
﴿وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ فطمع فيها ﴿فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا﴾ أي: دعها لي، وخلها في كفالتي.
﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ أي: غلبني في القول، فلم يزل بي حتى أدركها أو كاد.
مصدر الشرح:
https://tafsir.app/saadi/38/23