أَعزَّ جنده ونصَر عبده وهزَم الأحزاب وحده

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يقولُ: “لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ، أعَزَّ جُنْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وغَلَبَ الأحْزابَ وحْدَهُ، فلا شيءَ بَعْدَهُ”. (صحيح البخاري ٤١١٤).
«أَعَزَّ جُندَه»، أي: عِبادَه المؤمِنين مِن صَحابةِ رسولِ الله ﷺ.
«ونَصَر عَبْدَه»، أي: النبيَّ ﷺ.
«وغَلَب الأحزابَ وحدَه» وهم قُرَيْشٌ ومَن ناصَرَها مِن القَبائِل؛ يُشِير فيه إلى نُصرةِ اللهِ تعالى لعبادِه المؤمنين في غَزوةِ الأحزابِ، فهَزَمهم الله تعالى بأنْ أَرْسَل عليهم الرِّيحَ والملائكةَ فرَدَّهم خائِبِينَ.
«فلا شيءَ بَعْدَه» أي: فكُلُّ شيءٍ يَفْنى وهو الباقِي سبحانه وتعالى؛ فجَميعُ الأشياءِ بالنِّسبةِ إلى وُجودِه سُبحانَه تعالى كالعَدمِ.

الشرح والإيضاح

اتَّفَقَت قَبائلُ العرَبِ على قِتالِ المُسلِمينَ في غَزْوةِ الأحْزابِ، وحاصَروا مَدينةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واشتَدَّ الأمرُ بالمؤمِنينَ وزُلزِلوا زِلزالًا شَديدًا، كما أخْبَرَ القُرآنُ الكَريمُ، ثمَّ تَفضَّلَ اللهُ عليهم بالنَّصرِ مِن عندِه، ورَدَّ عَدوَّهم خائبينَ لم يَنالوا خَيرًا.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيْرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَقولُ: «لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَه»، فلا مَعبودَ بحقٍّ ولا يَستحِقُّ العِبادةَ سِواهُ سُبحانَه، «أعَزَّ جُندَه»، أي: قوَّى عِبادَه المؤمِنينَ مِن صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، «ونصَرَ عَبْدَه»، أيِ: النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، «وغلَبَ الأحْزابَ وَحْدَه»، وهمْ قُرَيشٌ ومَن ناصَرَها منَ القَبائلِ؛ يُشيرُ فيه إلى نُصْرةِ اللهِ تعالَى لعِبادِه المؤمِنينَ في غَزْوةِ الأحْزابِ، الَّتي وقَعَت سَنةَ خَمسٍ منَ الهِجْرةِ، فهزَمَ اللهُ تعالى الأحْزابَ بأنْ أرْسَلَ عليهمُ الرِّيحَ والمَلائكةَ، فرَدَّهم خائِبينَ، «فلا شَيءَ بَعْدَه»، أي: فكُلُّ شَيءٍ يَفْنى، وهو الباقي سُبحانَه وتعالَى؛ فجَميعُ الأشْياءِ بالنِّسبةِ إلى وُجودِه سُبحانَه تعالَى كالعَدمِ، وهذا كلُّه تَسليمٌ للهِ واعْتِرافٌ بفَضلِه، ونَصرِه لعِبادِه المؤمِنينَ.
وهذا الذِّكرُ والثَّناءُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَسْجوعٌ، وهو مَحْمودٌ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ إذِ السَّجعُ المَذْمومُ هو الَّذي بالتَّكلُّفِ، لا الَّذي بالسَّجيَّةِ، أوِ السَّجعُ الَّذي فيه إبْطالُ حقٍّ.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/150464

تحميل التصميم