‏اجعل لنفسك خبيئة من عمل صالح

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: “” مَنِ استطاعَ منكم أنْ يكونَ لَهُ خَبْءٌ مِنْ عمَلٍ صالِحٍ فلْيَفْعَلْ”” (صحيح الجامع ٦٠١٨ ) وقال الذهبي: “”كان السلف يستحبُّون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح، لا تعلم به زوجته، ولا غيرها”” (سير أعلام النبلاء ٩/ ٣٤٩). خبيئة: عمل صالح لا يعرف به أحد؛ مثل صدقة خفية شهرية، قيام الليل، قراءة القرآن، صيام النوافل، مساعدة المحتاجين..[/box]

الشرح و الإيضاح

كانَ الصَّحابةُ رِضْوانُ اللهِ عليهم يَحرِصونَ على إسْداءِ النَّصيحةِ للنَّاسِ وتَعْليمِهِم طُرُقَ النَّجاةِ عِندَ اللهِ، وإخْلاصَ الأعْمالِ له سُبْحانَهُ، كما في هذا الأثَرِ حيثُ يقولُ الزُّبَيرُ بنُ العوَّامِ رضِيَ اللهُ عنه: “مَنِ استَطاعَ منكم أنْ يكونَ له خَبيءٌ”، والخَبءُ هو العَمَلُ المُخبَّأُ الَّذي لا يَراهُ النَّاسُ، ولكِنَّه يَفعَلُهُ مُدخَّرًا له عِندَ اللهِ “مِن عَمَلٍ صالِحٍ فلْيَفعَلْ”، والمَعْنى أنَّ مَن قَدَرَ منكم على أنْ يُخفِيَ عَمَلًا صالِحًا يكونُ بيْنَه وبيْنَ اللهِ، فيَمْحو به ذنُوبَهُ فلْيَفعَلْ ذَلِك حتى يكونَ تَأْكيدًا لمَعْنى الإخْلاصِ وطَلَبِ الأجْرِ مِنَ اللهِ وَحدَهُ، وكُلٌّ يَستَطيعُ ذلِكَ، ولكِنَّ المُوفَّقَ مَنِ ادَّخَرَ له الأعْمالَ الصَّالِحةَ، وهذا إرْشادٌ إلى أنْ يَجتَهِدَ العَبدُ، وَيَحرِصَ على خَصْلةٍ من صالِحِ عَمَلِهِ، يُخلِصُ فيها بينه وبَيْن رَبِّهِ، ويَدَّخِرُها لِيَومِ فاقَتِهِ وَفَقْرِهِ، ويُخبِّؤُها بِجَهْدِهِ، ويَستُرُها عن خَلقِهِ، ليَصِلَ إليه نَفْعُها أحوَجَ ما كانَ إليه، ولا يَنبغي أنْ يكونَ همُّه أنْ يَطَّلِعَ عليه الناسُ أو حتى يُقابِلوهُ بالبَشاشةِ والتَّوقيرِ، وأنْ يُثْنوا عليه، وأنْ يَنشَطوا في قَضاءِ حَوائِجِهِ، وأنْ يُسامِحوهُ في البَيعِ والشِّراءِ، وأنْ يُوسِّعوا له في المكانِ، فإنْ قصَّرَ مُقصِّرٌ ثَقُلَ ذلِكَ على قَلبِهِ، ووَجَدَ لذلِكَ استِبْعادًا في نَفسِهِ، كأنَّه يَتَقاضَى الاحْتِرامَ مع الطَّاعةِ التي أخْفاها، كأنَّه يُريدُ ثَمَنَ هذا السِّرِّ الَّذي بيْنَه وبيْنَ اللهِ !

مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/149014