وصية النبي ﷺ بعزل المرضى عن الأصحاء في الأوبئة

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]الابتعاد عن الأماكن التي تنتشر فيها الأوبئة عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قال: «لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ». [صحيح البخاري ٥٧٧١]. “لا يُورَد مُمرِضٌ على مُصحٍّ””، أي: لا يُؤتَى بمريضٍ على صَحيحٍ سَليمٍ؛ لعزل المرضى وتقليل انتقال المرض.[/box]

الشرح والإيضاح

في هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو سلَمةَ بنُ عبدِ الرحمَنِ بنِ عَوفٍ- وكانَ أحدَ التابِعينَ- أنَّ أبا هُرَيرةَ رضِيَ الله عنه يُحدِّث بحديثَينِ؛ الأوَّلُ: “لا عَدْوى”، و”العَدْوى”: انتِقالُ المرَضِ مِن المُصابِ به إلى آخَرَ سليمٍ؛ ليُصبِحَ مُصابًا بعدَ انتقالِ المرضِ إليهِ، والمرادُ: النَّهيُ عن الاعتقادِ أنَّ بعضَ الأَمراضِ تَنتقِلُ بسببِ العَدوَى؛ لأنَّ الأمرَ بقَضاء الله وقدَرِهِ، والحديثُ الثاني: “لا يُورَد مُمرِضٌ على مُصحٍّ”، أي: لا يُؤتَى بمريضٍ على صَحيحٍ سَليمٍ؛ مخافَةَ أن يُعديَه، يقول أبو سلَمَةَ: إنَّ أبا هُريرَة رضِيَ الله عنه كان يحدِّثهما كلتَيهما، أي: يُحدِّث بالحديثَينِ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ثمَّ صمَت أبو هُرَيرةَ بعدَ ذلكَ عن قولِه: “لا عَدوى”، أي: امتَنَع عن التَّحديثِ بهِ، وأقامَ على: “ألَّا يُورَدَ مُمرضٌ على مُصحٍّ”، أي: إنَّ أبا هُرَيرةَ صار يُحدِّثُ بهذا الحَديثِ فقَط، فقالَ الحارَثُ بنُ أبي ذُبابٍ لأبي هُرَيرَةَ- وهو ابنُ عمِّ أبي هُرَيرةَ-: قد كنتُ أسمَعُكَ يا أبا هُرَيرَةَ، تُحدِّثنا مع هذا الحَديثِ- أي: حَديثِ: “لا يُورد مُمرَضٌ على مُصحٍّ”- حَديثًا آخرَ- أي: حَديث: “لا عَدوَى”- قد سكتَّ عنه، أي: امتنعتَ عن التَّحْديثِ بهِ؟ فأبَى أبو هُرَيرةَ أن يَعرفَ ذلكَ، أي: امتنَعَ عن تَفسيرِ أو الإجابةِ عن سببِ امتناعِهِ عنِ التَّحْديثِ بحَديثِ: “لا عدْوى”، وقالَ: “لا يُورَدُ مُمرضٌ على مُصحٍّ”، أي: قالَ هذا فقطْ، فَمَاراهُ الحارِثُ في ذلكَ، أي: جادَلَ أبا هُرَيرةَ حتَّى غضِبَ أبو هُرَيرةَ فرطَنَ بالحبشيَّة، و”الرَّطانَة”: التكلُّمُ بالعجميَّةِ، وقوله: (بالحبَشيَّةِ)، هي اللغَةُ التي رطَنَ بها، والمُرادُ: تكلَّمَ كلامًا لا يُفهَمُ لشدَّةِ غضبِه مِن جِدالِ الحارثِ له حَولَ الحَديثِ، فقالَ أبو هُرَيرةَ للحارِثِ: أتَدري ماذا قلتُ؟ قال الحارثُ: لا، قالَ أبو هُرَيرةَ: قلتُ: أبيتُ، يريدُ بذلك أنه لم يحدِّثْ بما يَقولُ الحارِثُ، ثمَّ أكَّدَ أبو سلَمةَ كلامَ الحارِثِ على أنَّ أبا هُرَيرةَ حدَّثَ بهذا الحَديثِ بقَولِه: ولعَمري، لقد كانَ أبو هُرَيرةَ يُحدِّثنا أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ: “لا عَدْوى”، ثمَّ عَزا أبو سلَمَةَ إنكارَ أَبي هُرَيرةَ تحَديثَه بحَديثِ: “لا عدْوى”، إلى النِّسيانِ أو نسْخِ الحَديثِ في قولِه: فلا أَدرِي، أنسِيَ أبُو هُرَيرَةَ، أو نسَخَ أحدُ القولينِ الآخَرَ؟ أي: نسَخَ حَديثُ: “لا يُورَدُ مُمرضٌ على مُصحٍّ”، حَديثَ: “لا عَدْوى”.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/23512