موتى الطاعون والأوبئة الصابرين على ما أصابهم شهداء

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]وعن عائشةَ رضي الله عنها أنها سألت النبيَّ ﷺ عن الطَّاعون، فقال: «إنَّه كان عذابًا يَـبْـعَـثُـهُ اللهُ على مَن يشاءُ، فجَعَلَهُ اللهُ رحمةً للمُؤمنينَ، فليس مِنْ عبدٍ يَـقَعُ الطاعون، فـيَمْكُثُ في بلدِه صابرًا، يَعْلَمُ أنَّه لن يصيبَهُ إلا ما كَـتَبَ اللهُ له، إلا كان له مِثْـلُ أَجْرِ الشَّهيدِ» [صحيح البخاري ٥٧٣٤].[/box]

الشرح و الإيضاح

جعَل اللهُ سبحانه وتعالى أمْرَ المؤمنِ كلَّه له خيرًا، في السَّراءِ والضَّراءِ؛ فشُكْرُه في السَّرَّاءِ يوجِبُ له الأجرَ على شُكرِ النِّعمةِ، وصَبْرُه في الضَّرَّاءِ يوجِبُ له الأجرَ على الصَّبرِ على البلاءِ؛ فإنَّ الطَّاعونَ – كما أخبر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ، وهو المَرَضُ المُهلِكُ – إنَّما يكونُ عذابًا إذا وقَع على الكافرينَ، ويكونُ رحمةً إذا وقَع بالمؤمِنِ؛ لأنَّه إذا وقَع في بلدٍ هو فيه فصَبَرَ محتسِبًا للهِ تعالى، وهو يعلَمُ أنَّه لا يُصيبُه إلَّا ما كتَبه اللهُ عليه، فمات به، فإنَّه يكونُ له مِثلُ أجرِ الشَّهيدِ، وقد بيَّن صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رواياتٍ أُخرى أنَّ مَن مات مِن هذا الدَّاءِ يكونُ شهيدًا، وقد نهى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الخروجِ مِن البلدِ الَّذي يقَعُ فيه الطَّاعونُ، وعنِ الدُّخولِ إليه، فقال: «إذا سمِعْتُم به بأرضٍ فلا تَقدَمُوا عليه، وإذا وقَع بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرُجوا فِرارًا منه».
ومعنى قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «يعلَمُ أنَّه لا يُصيبُه إلَّا ما كتَب اللهُ له»، أي: يظَلُّ داخِلَ البلدِ الَّذي وقَع فيه الطَّاعونُ، ولا يخرُجُ منه؛ ظنًّا منه أنَّ خروجَه يُنجيه مِن قَدَرِ اللهِ المكتوبِ عليه، إلَّا كان له مِثلُ أجرِ شهيدٍ.
وفي الحديثِ: بيانُ عنايةِ اللهِ تعالى بهذه الأمَّةِ؛ حيثُ جعَل ما عُدَّ عذابًا لغيرِهم رحمةً لهم.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/582