مكانة فاطمة عند رسول الله ﷺ

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عَنِ الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحًا ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ. قَالَ الْمِسْوَرُ: فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: ” أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ مُضْغَةٌ مِنِّي، وَإِنَّمَا أَكْرَهُ أَنْ يَفْتِنُوهَا، وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا “.
قَالَ: فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ. (صحيح مسلم 2449).[/box]

الشرح و الإيضاح

كانَ أبو جهلٍ عدُوًّا للهِ وعدُوًّا لرسولِهِ صلَّى اللهُ عليه سلَّمَ، وفي هذا الحديث بيانُ أنَّ علِيَّ بنَ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه خَطَب بنتَ أبي جَهلٍ وأرادَ أنْ ينكِحَها، فسَمِعتْ بذلكَ فاطمةُ بنتُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فأتتْ رسولَ اللهِ، فقالتْ: يَزعُمُ قومُكَ أنَّكَ لا تَغضَبُ لبناتِكَ، أي: إذا حدَثَ لهنَّ إِيذاءٌ، وهذا عليٌّ ناكِحٌ بنتَ أبي جَهلٍ، فقامَ رسولُ اللهِ يخطُبُ في الناسِ لينتَشِرَ الحُكمُ بينَهمْ، فتشهَّدَ ثمَّ قالَ: (أمَّا بعدُ، أنْكَحتُ أَبا العاصِ بنَ الرَّبيعِ)، أي: ابنَتَه زَينبَ، وكانَ ذلكَ قبلَ الإِسلامِ، (فحَدَّثَني وصَدَقَني)، أي: فِيما يتعلَّقُ بما وعَدَهُ في زواجِ ابنتِهِ، فالنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُثني عَليهِ لِصدْقِهِ هذا، ثم قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (وإنَّ فاطِمةَ بَضْعةٌ مِنَّي)، أي قِطعةٌ، (وإنِّي أكرَهُ أنْ يَسوءَها) أي عليٌّ، بزواجِهِ من ابنةِ أَبي جَهلٍ؛ فقدْ يحصُلُ لها الغَيرةُ فيؤذِيها ذلكَ، وقولُه: (وإنِّي لستُ أُحرِّمُ حلالًا ولا أُحِلُّ حرامًا) إشارةٌ إلى جَوازِ نِكاحِ بنتِ أبي جهلٍ، لكنَّهُ منَعَ مِن الجَمعِ بينَها وبينَ بنتِ رسولِ اللهِ؛ لأنَّ ذلكَ يُؤذيها وفي أَذاها أَذًى لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لذلِكَ قالَ: (لا تَجتمِعُ بِنتُ رسولِ اللهِ وبنتُ عدُوِّ اللهِ عندَ رجلٍ واحدٍ)؛ لِمَا يُحدِثُ من الأَذى والضَّررِ، “فتَرَك عليٌّ الخِطبةَ” بعدَما سمِعَ ذلك.
وفي روايةٍ: لم يُصرِّح الراوي باسم أبي العاص، فقال: (وذَكَر صِهْرًا لهُ مِن بني عبدِ شَمسٍ) وهو أَبو العاصِ بنُ الرَّبيعِ، “والصِّهْرُ” يُطلَقُ على الزَّوجِ وأقارِبِه وأقاربِ المرأةِ، (فأَثنى عليْهِ في مُصاهرتِهِ إيَّاهُ فأَحسنَ)، أي: الثَّناءَ عليه؛ وذلكَ لأنَّهُ (حدَّثني فصَدَقني، ووَعَدني) بأنْ يُرسِلَ لي زَينبَ، وذلكَ عِندما أُسِرَ في غزوةِ بدرٍ، (فوفَى لي) فأنفذَ وَعدَه.
وفي هذا الحديثِ: أنَّ أذى أهلِ بَيتِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أذًى لهُ.
وفيه: فَضلُ عليٍّ رضِي اللهُ عنه، واستجابتُه لرسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/23135