[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رَجُلاً يَحْلِفُ لاَ وَالْكَعْبَةِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ) (أخرجه أبو داود 3251، وصححه الألباني). قال المناوي: “”أي فعَل فِعْل أهل الشرك أو تشبَّه بهم؛ إذ كانت أيمانهم بآبائهم وما يعبدون من دون اللّه، أو فقد أشرك في تعظيم مَن لم يكن أن يعظّمه؛ لأن الأيْمَان لا تصلح إلا باللّه؛ فالحالف بغيره مُعظِّم غيره مما ليس له؛ فهو يشرك غير اللّه في تعظيمه”” (التيسير بشرح الجامع الصغير 2/802). ولذا لا يجوز الحلف بالنبي ﷺ، ولا بالكعبة، ولا بالأمانة، ولا برأس فلان، ولا برحمة فلان، ولا بجاه فلان الولي، ولا بقبر فلان.[/box]
الشرح والإيضاح
الحلِفُ والقَسَمُ لا يَكونُ إلَّا باللهِ عزَّ وجلَّ أو إحْدى صِفاتِه، وفي هذا الحَديثِ يقولُ سَعدُ بنُ عُبَيدةَ: جلسْتُ أنا ومحمَّدٌ الكِنديُّ إلى عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ، ثمَّ قمْتُ مِن عندِه، فجلَسْتُ إلى سعيدِ بنِ المُسيَّبِ، قال: فجاء صاحِبي وقد اصْفَرَّ وجْهُه وتغيَّرَ لونُه، وهذا إشارةٌ إلى أنَّه قد أحدَثَ شَيئًا عندَ ابنِ عمَرَ، فقال: قُمْ إليَّ، أي: طلَبَ الكِنديُّ مِن سَعدِ بنِ عُبيدةَ أنْ يقومَ معه مِن مَجلِسِ سعيدٍ، قلْتُ: ألم أكُنْ جالسًا معك السَّاعةَ؟ فقال سَعيدٌ: قُمْ إلى صاحبِك، أي: فأمَرَ سَعيدُ بنُ المُسيَّبِ أنْ يَنظُرَ حاجةَ صاحبِه ويقومَ معه، قال: فقُمْتُ إليه، فقال: ألم تَسمَعْ إلى ما قال ابنُ عمَرَ؟ قلْتُ: وما قالَ؟ قال: أتاهُ رجُلٌ فقال: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ، أعليَّ جُناحٌ أنْ أحلِفَ بالكعبةِ؟ أي: هل عليَّ ذنْبٌ أو إثْمٌ إذا حلَفْتُ بها في كَلامي؟ قال: ولِمَ تَحلِفْ بالكعبةِ؟ إذا حلَفْتَ بالكعبةِ فاحلِفْ بربِّ الكعبةِ؛ فإنَّ عمَرَ كان إذا حلَفَ قال: كلَّا وأبي!، أي: كان يَحلِفُ ويُقسِمُ بأبيه على عادةِ أهْلِ الجاهليَّةِ، فحلَفَ بها يومًا عندَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَحلِفْ بأبيك، ولا بغيرِ اللهِ؛ فإنَّه مَن حلَفَ بغيرِ اللهِ فقد أشْرَكَ، أي: أشْرَكَ معَه غيرَه عَزَّ وجلَّ، وهذا للزَّجرِ والتَّغليظِ في النَّهيِ والامتِناعِ عنْ مِثْلِ هذا الحَلِفِ، وليسَ هذا شِركًا مَحضًا؛ فالحَلِفُ بغيرِ اللهِ مِن الشِّركِ الأصغرِ، وقدْ نَهَى عَنه الشَّرعُ؛ لأنَّه ذَريعةٌ إلى الشِّركِ الأكبرِ، ووَسِيلةٌ للوُقوعِ فيهِ، بخلافِ مَن تعمَّدَ الحَلِفَ بغيرِ ذاتِ اللهِ، وكان حالِفًا بما يُشرِكُ به- مِثْلُ الحَلِفِ بالنَّصرانيَّةِ وغيرِها- فهذا كُفرٌ مَحضٌ.
وفي الحَديثِ: تَعظيمُ جَنابِ اللهِ سُبحانَه وتعالى وتَنزيهُه وتَخصيصُه بالحَلِفِ والقَسَمِ به دونَ غَيرِه من المخلوقاتِ.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/89081