الغِيبَة آفة خطيرة من آفات اللسان

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””] قال الله تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) [الحجرات: 12]؛ شبَّه متعاطي الغِيبَة بآكل لحم أخيه الميت، إيغالاً في بيان قُبحها وشدَّة جُرمها. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “”وكم ترى من رجلٍ متورِّع عن الفواحش والظلم، ولسانه يَفْري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يُبالي ما يقول. ولا يدري هؤلاء أنَّ كلمة واحدة يمكن أن تُحْبِط جميع أعمالهم، وتُوبِق دنياهم وأخراهم”” (الداء والدواء ص111).[/box]

الشرح والإيضاح

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱجۡتَنِبُوا۟ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمࣱۖ وَلَا تَجَسَّسُوا۟ وَلَا یَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَیُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن یَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِیهِ مَیۡتࣰا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [الحجرات ١٢]
نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين، فـ ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ وذلك، كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة، وكظن السوء، الذي يقترن به كثير من الأقوال، والأفعال المحرمة، فإن بقاء ظن السوء بالقلب، لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك، بل لا يزال به، حتى يقول ما لا ينبغي، ويفعل ما لا ينبغي، وفي ذلك أيضًا، إساءة الظن بالمسلم، وبغضه، وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه.
﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ أي: لا تفتشوا عن عورات المسلمين، ولا تتبعوها، واتركوا المسلم على حاله، واستعملوا التغافل عن أحواله التي إذا فتشت، ظهر منها ما لا ينبغي.
﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ والغيبة، كما قال النبي ﷺ: ﴿ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه﴾
ثم ذكر مثلاً منفرًا عن الغيبة، فقال: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ شبه أكل لحمه ميتًا، المكروه للنفوس [غاية الكراهة]، باغتيابه، فكما أنكم تكرهون أكل لحمه، وخصوصًا إذا كان ميتًا، فاقد الروح، فكذلك، [فلتكرهوا] غيبته، وأكل لحمه حيًا.
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ والتواب، الذي يأذن بتوبة عبده، فيوفقه لها، ثم يتوب عليه، بقبول توبته، رحيم بعباده، حيث دعاهم إلى ما ينفعهم، وقبل منهم التوبة، وفي هذه الآية، دليل على التحذير الشديد من الغيبة، وأن الغيبة من الكبائر، لأن الله شبهها بأكل لحم الميت، وذلك من الكبائر.
مصدر الشرح:
https://tafsir.app/saadi/49/12