[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا. (تَعْنِي قَصِيرَةً). فَقَالَ ﷺ: (لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ). قَالَتْ: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا فَقَالَ ﷺ: (مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إِنْسَانًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا) (أخرجه أبو داود 4875 وصححه الألباني). قال المناوي: “”حسبك من صفية أنها كذا وكذا تعني قصيرة. فقال: “”لقد قلت كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته”” أي: خالطته مخالطة يتغير بها طعمه وريحه لشدة نتنها وقبحها.. هذه غيبة منتنة لو كانت ممَّا يُمْزَج بالبحر مع عظمه لغيرته، فكيف بغيره؟ قال النووي: هذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها، وما أعلم شيئًا من الأحاديث بلغ في ذمها هذا المبلغ”” (فيض القدير 5/411).[/box]
الشرح و الإيضاح
الإسلامُ دينُ الأخلاقِ الحسَنةِ، وقد أمَرَ بحفظِ الأعْراضِ مِن أنْ تُنتَهكَ بالقولِ أو الفِعلِ؛ لأنَّه ممَّا يورِثُ العَداوةَ والبَغضاءَ بينَ المسلِمينَ، وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: قلتُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: حَسبُكَ من صفِيَّة، أي: من عُيوبِها، وصفِيَّةُ هيَ بنتُ حُيَيٍّ، زَوجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، كذا وكذا؛ قال غيرُ مُسدَّدٍ وهوَ ابنُ مُسرْهَدٍ، أي: في روايتَهِم الحديثَ: تعني قَصِيرةً، أي: إنَّ مِن عيوبِها كونَها قَصيرةً.
فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: لقدْ قُلتِ كلِمةً لوْ مُزِجتْ بماءِ البَحرِ لمزَجَتْه، أي: إنَّ ذِكرَكِ صَفِيَّةَ بتلكِ الكلِمةِ لو خُلِطَتْ بماءِ البحرِ لغيَّرتْ لونَه أو رِيحَه، وهذا يُبيِّن قُبْحَ هذه الكلِمةِ، وما فيها مِن الغِيبةِ.
قالتْ عائِشةُ رضِيَ اللهُ عَنها: وحَكيتُ لهُ إنْسانًا، أي: وقلَّدتُ له إنْسانًا في هَيئةٍ أوْ صِفةِ تَقبيحٍ لهَ، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ما أُحِبُّ أنِّي حَكيتُ إنْسانًا وأنَّ لي كذَا وكذَا، أي: لا أحِبُّ تَقليدَ الناسِ ومُحاكاتَهم، ولَو أخذتُ على ذلِكَ الكثيرَ والكثيرَ مِن المالِ أو المتاعِ، وهذا لبَيانِ شِدَّة كراهتِه لهذا الفِعلِ على كلِّ حالٍ، وتكونُ الكَراهةُ أشدَّ إذا كانَ على جِهة الاستِهزاءِ والسُّخريةِ والتَّنقيصِ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ والتَّرهيبُ مِن الغِيبةِ، والتَّحذيرُ والزَّجرُ عن التَّقليدِ ومُحاكاةِ الناسِ، وخاصَّةً على جِهةِ الاستِهزاءِ بهم.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/29487